مواكبة التطورات التي تحيط بظروف العمل جعلت التغيير أمرًا حتمي داخل المؤسسات والمنظمات المختلفة، وذلك للحفاظ على البقاء التنافسي في السوق التجاري، وتحسين سير العمل وزيادة الكفاءة التشغيلية التي تعود بالنفع على الشركة والعاملين بداخلها، ولكن التغيير لا يحدث في يوم وليلة، بل يحتاج إلى بذل الجهد والوقت والمال للمرور بمرحلة التغيير، وإدارته بنجاح، ومواجهة التحديات للوصول إلى النتائج المرجوة، وتحقيق أهداف التغيير. وفي هذا المقال نتعرض إلى أهمية التغيير، ودور القيادة الفعال في إدارة التغيير، وأشهر التحديات التي تواجه القادة.
أهمية إدارة التغيير للمنظمات
كما ذكرنا سابقًا فالتغيير أمر ضروري للحفاظ على النمو والتطور، وفيما يلي أبرز فوائد التغيير للمنظمات:
- مواكبة التطور
مع التغيير والتطور المتسارع في العوامل المؤثرة على المنظمات مثل: التغيرات الاقتصادية، أو التكنولوجية، أو القرارات الحكومية المتعلقة بعمليات التوريد والتصنيع، وغيرها من التغييرات الخارجية المختلفة، كل هذه العناصر تدفع المنظمات لمواكبة ما يحدث حولها من تطور، وتكون خطوة التغيير ضرورية لبقاء سير العمل.
- الزيادة الإنتاجية
يؤدي التغيير الناجح في تحسين الكفاءة التشغيلية وبالتالي رفع مستوى الإنتاجية.
- تشجيع الإبداع والابتكار
يعمل التغيير على خلق بيئة عمل إيجابية تساعد على الابتكار، وتطوير الأفكار، وتبني تقنيات حديثة في العمل.
- تعزيز ولاء الجمهور
التغيير يساهم في الاستجابة السريعة لرغبات الجمهور، والعمل على تحسين المنتج أو الخدمة ليوافق احتياجاتهم، وبالتالي شعورهم بالرضا، وزيادة ولائهم للشركة.
- التوسع داخل الأسواق
التغيير الفعال يعمل على تحقيق النمو والتوسع داخل الأسواق، والحفاظ على الميزة التنافسية.
- تحسين رضا العاملين
برغم أن في بداية التغيير يكون في حالة من المقاومة والرفض من قبل الموظفين، ولكن إدارة التغيير بنجاح يخلق بيئة عمل تُعزز الشعور بالانتماء، وزيادة ثقة العاملين في الإدارة، والتحسين من مهاراتهم المهنية، وبالتالي يزيد الشعور بالرضا لديهم.
التحديات التي يواجهها التغيير
برغم أهمية التغيير إلا أن في غالبية الوقت يواجه التغيير عدة تحديات، ويجب التعامل معها بشكل صحيح لتتمكن من نجاح عملية التغيير، وعدم ضياع الجهود المبذولة التي قد تكبد الشركة الخسائر. فيما يلي أبرز التحديات التي تواجه التغيير:
مقاومة التغيير
يميل العاملون داخل المنظمات بالتمسك بالوضع الحالي وطريقة أدائهم للعمل بالكيفية التي اعتادوا عليها، ويقاومون التغيير بشكل كبير، حتى وإن كان بصورة غير معلنة، ولكنهم يشعرون بالقلق والخوف من الطرق الجديدة التي سيتم تطبيقها داخل العمل، والتي ستؤثر على مهامهم الوظيفية.
تجاهل الموظفين
من الممكن أن تقع الإدارة العليا في خطأ كبير جدًا وهو تجاهل الموظفين أثناء التخطيط والتنفيذ لعملية التغيير، وعدم إمدادهم بالمعلومات الكافية المتعلقة بالتغيير، وهذا يتسبب في نشر الشائعات والفوضى بين العاملين، كذلك عدم أخذ آراء العاملين في الاعتبار، مما يشعرهم بالغضب ومن ثم إفشال عملية التغيير، ولكن فتح قنوات التواصل بين الإدارة ومختلف فئات الموظفين يساعد في إتمام عملية التغيير بنجاح.
الموارد المحدودة
تشكل قلة الموارد المالية عائقًا أمام التغيير لعدم وجود ميزانية كافية لمتطلبات التغيير، كذلك انخفاض المهارات البشرية العاملة في المنظمات، التي يصعب عليهم التكيف واستيعاب أنظمة العمل الجديدة.
البيروقراطية والأنظمة الصلبة
البيروقراطية والهياكل التنظيمية غير المرنة من أكبر أعداء التغيير، سواء داخل المنظمة نفسها التي ترغب في التغيير، أو المؤسسات الخارجية التي تحتاج إليها المنظمة في عملية التغيير.
غياب التكنولوجيا المتطورة
ضعف البنية التحتية التكنولوجية داخل المنظمات تُعيق من تبني الأنظمة الحديثة والعمل بها.
رؤية غير واضحة
العمل نحو التغيير في انعدام رؤية واضحة واستراتيجيات عمل محددة هو أشبه بالإبحار داخل الطوفان، هذا يعرض أداء الشركة ككل إلى التشتت، وضعف الانتاجية، وهدر الكثير من الموارد.
دور القادة الفعال في إدارة التغيير
يقوم القادة بدور رئيسي في إدارة عملية التغيير داخل المنظمات، ويقع على عاتقهم الكثير من المهام، ودور القائد من العوامل الرئيسية في نجاح التغيير من عدمه. إليك أهم أدوار القائد الناجح في عملية التغيير:
وضع الخطة والأهداف
القادة هم المسؤولون عن وضع الأهداف، وإنشاء خطة العمل وفق رؤية واضحة واستراتيجيات محددة لتنسيق وتوظيف كافة الجهود نحو نفس الاتجاه.
🔸اقرأ ايضاً: استراتيجيات الشركات الحديثة | كيفية التعامل مع التغييرات العالمية في الشركات الحديثة 2024
التواصل والشفافية
دور القادة إمداد العاملين بالمعلومات التي تخص التغيير، وفتح باب النقاش والاستماع لآرائهم ووجهات نظرهم، وتبليغهم بالمتغيرات، وإشراكهم في عملية التغيير.
تطوير مهارات العاملين
التغيير بطبيعته يحتاج إلى مهارات إضافية للتعامل مع الأنظمة الجديدة، وعلى القادة معرفة مهارات العاملين داخل المنظمة، ووضع برامج تدريبية لتحسين مهاراتهم والعمل على تحسين كفاءتهم.
التعامل الفعال مع المقاومة
مقاومة التغيير أمر يواجهه جميع القادة، ودورهم هو تحديد أسباب المقاومة والعمل على حلها، والتحدث مع العاملين لزيادة وعيهم حول أهمية التغيير، ووعدهم بعدم وقوع أي ضرر عليهم أو الاستغناء عن بعض الموظفين.
خلق بيئة تحفيزية
في مرحلة التغيير يشعر العاملون بالضغط والتوتر، وعلى القائد أن يوفر بيئة عمل داعمة وتحفيزية، ويعزز من دوافع العمل لديهم، ويقدم الأدوات اللازمة للابتكار والتطوير.
تبني ثقافات جديدة
بناء ثقافة التغيير والتطوير لدى العاملين من البداية وجعلها نهجًا تتبناه المنظمة، يُسهل بشكل كبير عملية التغيير لوجود تلك القيم من البداية داخل المؤسسة، وتعمل على خفض مستويات المقاومة في المستقبل.
المتابعة والتعديل
من مهام القائد الناجح متابعة سريان خطة العمل، والتقييم المستمر، وقياس الأداء، والتدخل لتعديل الاستراتيجيات المتبعة إذا لزم الأمر، لضمان تحقيق الأهداف، والوصول للنتائج المرجوة.
نموذج القدوة
القائد الناجح يكون مصدر إلهام لفريق العمل، وتحليه بالقيم الأخلاقية والممارسات المهنية التي تراعي الجانب الإنساني لمن حوله، والتعامل بمرونة وإيجابية أمام التحديات، والقدرة على التكيف والتأقلم مع التغييرات؛ تجعل منه نموذجًا للاقتداء به داخل بيئة العمل.
دعم العاملين
مشاركة جميع العاملين بالمنظمة بمختلف فئاتهم المهنية، وإشراكهم في عملية التغيير، يعزز لديهم الشعور بالانتماء تجاه المنظمة، ويدرك أهميته ودوره في العمل بشكل عام وفي عملية التغيير بشكل خاص.
التقدير والاحتفال
تقدير الجهود المميزة المبذولة من فريق العمل، والاحتفال بالإنجازات والنجاحات سواء كانت صغيرة أو كبيرة يدعم روح العمل الجماعي، ويعزز الروابط بين العاملين، ويشجع الآخرين، ويخلق حالة من الإيجابية، ويرفع الروح المعنوية لدى العاملين وشعورهم بالرضا والانتماء.
إدارة المخاطر
الاستعداد لأي عوامل تؤثر بالسلب على إنتاجية الشركة وسريان خطة التغيير، ووضع خطط بديلة عند حدوث أي أزمة، والقدرة على المرور بالشركة من الأزمات الكبيرة.
في نهاية المقال تظهر أهمية التغيير والدور الفعال للقيادة الناجحة التي تقوم بإدارة التغيير لزيادة نجاح الشركة، وبقاء دورها الريادي والصدارة بين المنافسين، وتساعد في زيادة النمو والتوسع، وتحقيق الأهداف المختلفة للمنظمة، ويحتاج ذلك إلى وضع رؤية واضحة واستراتيجيات عمل محددة ومرنة، والقدرة على التواصل الجيد والفعال ثنائي الاتجاه بين الإدارة والعاملين، وتوضيح دور كل فرد في الفريق لتجنب الفوضى، ولتحقيق الاستفادة القصوى من كافة الإمكانات التي تمتلكها المنظمة من موارد بشرية ومادية.
التطور ومواكبة التغييرات هو الطريق الصحيح لاستغلال الفرص التي تتيحها الظروف الجديدة، والتعامل مع التحديات بفعالية، لضمان البقاء والنمو وتحقيق الاستدامة للمنظمات في عالم سريع التطور والتغيير.
🔸شاهد: تحول البراند من المحلية الى العالمية – محمد طلعت Concrete