في عالم يسير بسرعة البرق، تزداد ضغوطات العمل وتكثر الالتزامات اليومية، ويصبح تحقيق التوازن بين العمل والحياة أمرًا ضروريًا للحفاظ على الصحة النفسية والجسدية.
إذ تتداخل المسؤوليات المهنية مع الحياة الشخصية، مما يدفع الكثيرين إلى البحث عن طرق فعّالة لإعادة ضبط هذا التوازن.
لذلك في هذا المقال من بزنس بالعربي، نستعرض أهمية إيجاد هذا التوازن والتحديات التي تواجه الأفراد في سعيهم نحو حياة أكثر تناغمًا، بالإضافة إلى استراتيجيات عملية تساعد في تحقيق ذلك لبناء حياة تتناغم فيها الأهداف المهنية مع اللحظات الثمينة من الحياة.
ما هو التوازن بين العمل والحياة؟
التوازن بين العمل والحياة هو القدرة على الاستثمار بالتساوي في المساعي الشخصية والمهنية، إذ يشير جزء العمل من هذا التوازن إلى الوقت الذي يقضيه المرء في العمل أو أداء وظائف مرتبطة بالعمل.
بينما يشمل جزء الحياة من هذا التوازن عادةً اهتمامات الفرد الاجتماعية أو الشخصية، أو الوقت الذي يقضيه مع العائلة والأصدقاء أو أي أنشطة ترفيهية أخرى.
قد يبدو التوازن المثالي بين العمل والحياة مختلفًا بالنسبة لكل فرد أو حتى بالنسبة لنفس الفرد في أوقات مختلفة من حياته.
باختصار، التوازن بين العمل والحياة يعطي فيها الفرد الأولوية بشكل متساوٍ لمتطلبات حياته المهنية ومتطلبات حياته الشخصية، يسعى العديد من الأشخاص إلى تحقيق التوازن بين العمل والحياة، لكن ليس من السهل دائمًا تحقيقه. تشمل بعض الأسباب الشائعة التي تؤدي إلى ضعف التوازن بين العمل والحياة ما يلي:
- زيادة المسؤوليات في العمل.
- العمل لساعات أطول.
- زيادة المسؤوليات في المنزل.
أهمية التوازن بين العمل والحياة
يمكن أن يؤدي تحسين التوازن بين العمل والحياة إلى تحسين صحتك العامة، بما في ذلك صحتك البدنية والعاطفية والعقلية.
فقد وجدت الدراسات أن العمل لساعات طويلة يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة مثل: اضطراب النوم، والاكتئاب، والإفراط في الشرب، ومرض السكري، وضعف الذاكرة، وأمراض القلب.
ومن المؤسف أن هذه الظروف قد تؤدي أيضًا إلى تفاقم مشاكل العمل والحياة، مما يؤدي إلى الإرهاق والعواقب السلبية الأخرى.
في حين قد يربط أصحاب العمل والموظفون ساعات العمل الطويلة بزيادة الإنتاجية، إلا أن العديد من الباحثين يقولون خلاف ذلك. على سبيل المثال، وجدت دراسة أجريت عام 2014 أنه بعد أن يصل العمال إلى عدد معين من الساعات، تبدأ إنتاجيتهم في الانخفاض مع زيادة احتمالية الأخطاء والإصابات إن تحقيق توازن صحي بين العمل والحياة يمكن أن يقلل من التوتر ويزيد من الإنتاجية الإجمالية.
فنجد أن كريس تشانسي، خبير التوظيف والرئيس التنفيذي لشركة Amplio Recruiting قال: إن التوازن الجيد بين العمل والحياة له العديد من التأثيرات الإيجابية، بما في ذلك تقليل التوتر وانخفاض خطر الإرهاق والشعور الأكبر بالرفاهية. وهذا يعود بالنفع على الموظفين وأصحاب العمل.
قال تشانسي: “يمكن لأصحاب العمل الذين يلتزمون بتوفير بيئات تدعم التوازن بين العمل والحياة لموظفيهم توفير التكاليف، وتجربة حالات أقل من الغياب، والاستمتاع بقوة عاملة أكثر ولاءً وإنتاجية”. يمكن لأصحاب العمل الذين يقدمون خيارات مثل العمل عن بعد أو جداول العمل المرنة أن يساعدوا الموظفين على تحقيق توازن أفضل بين العمل والحياة.
وجدت دراسة أجرتها Mental Health America وFlexJobs أن 76 % من الأشخاص قالوا إن الإجهاد في مكان العمل يؤثر سلبًا على صحتهم العقلية، مما يؤدي إلى تحديات مثل الاكتئاب والقلق. لكنهم وجدوا أن وجود خيارات عمل مرنة مؤشر على التوازن الجيد بين العمل والحياة، ويؤدي إلى صحة عقلية أفضل للموظفين.
في الواقع، كان أولئك الذين لا يتمتعون بالمرونة أكثر عرضة بمرتين للمعانة من ضعف الصحة العقلية.
كما أشار تقرير الصحة العقلية في العمل لعام 2021 الصادر عن Mind Share Partners إلى أن الإجهاد وقضايا الصحة العقلية الأخرى المرتبطة بالعمل، لا يؤدي موظفيها سوى ما يقرب من 72% من طاقتهم الكاملة. علاوة على ذلك، فإنهم يتغيبون عن العمل حوالي 8 أيام في السنة بسبب مشاكل الصحة العقلية.
ولكن، وجدت دراسة أجريت عام 2021 في مجلة Kansas Journal of Medicine أن جهود صاحب العمل للحد من التوتر وزيادة الرفاهية النفسية للموظفين تؤدي إلى أداء أعلى.
نظرًا لأن العمل الإضافي لن يجعلك أكثر إنتاجية، فمن المهم التركيز على كيفية عملك، وليس عدد الساعات التي تقضيها.
كيفية التوازن بين العمل والحياة
الحقيقة هي أنه لا توجد وصفة سحرية تناسب الجميع، وقد تضطر إلى تجربة ما تشعر أنه أكثر ملاءمة لك. قد تشعر بالإحباط عند محاولة إيجاد التوازن في يوم واحد، ولكن قد يكون تحقيق التوازن أسهل على مدار أسبوع أو أكثر.
🔸إقرأ أيضاً: العلامة التجارية | 3 أسباب رئيسية تسهم في تعزيز ولاء العملاء مع الـ Brand
إليك 18 نصيحة لتحقيق توازن جيد بين العمل والحياة:
هناك بعض الطرق والنصائح الفعالة لخلق توزان منسجم بين العمل والحياة، تشمل ما يلي:
1. التخطيط المسبق
خطط مسبقًا للجمع بين أنشطة العمل والأنشطة الترفيهية أو الاجتماعية، فمثلاً إذا وجدت نفسك أمام عدة اجتماعات أون لاين متتالية، فحاول عقدها أثناء المشي.
2. تقبل طريقة عمل عقلك
اعمل على فترات قصيرة ولكن مركزة، احجب جميع مصادر التشتيت الأخرى حتى تتمكن من تحقيق أقصى استفادة من وقتك.
3. حدد فترات زمنية لمهام مختلفة
حدد وقتًا للتحقق من الرسائل والرد عليها، ووقتًا لعقد الاجتماعات، ووقتًا للقيام بعمل مكثف عقليًا. يساعد ذلك في ترسيخ هذه المهام حول الأوقات التي تكون فيها أكثر إنتاجية شخصيًا.
4. أنهي العمل في وقت معين
عندما تعمل من المنزل، يكون من السهل السماح للعمل بالامتداد إلى وقتك الشخصي، لذلك حدد وقتًا لإنهاء العمل لهذا اليوم، وعززه بإيقاف تشغيل الأجهزة المرتبطة بالعمل، أو قفل مكتبك، أو جدولة شيء ما بعد ذلك.
5. استعن بالتكنولوجيا لمساعدتك
استخدم تطبيقًا لحظر المواقع المشتتة للانتباه أثناء اليوم، ثم قم بحظر أدوات العمل بعد ساعات العمل. إذا كان بوسعك، حصر العمل بجهاز واحد، أو حاول إبقاء جهاز واحد خاليًا من العمل حتى تتمكن من الانفصال تمامًا.
6. اخرج لتناول الغداء أو استمتع بالغداء مع زملاء العمل
حتى إذا كنت تعمل من المنزل، يمكنك الخروج لتناول الغداء أو التواصل مع زملائك. سيكون تغيير الروتين شيئاً جيداً.
7. ابحث عن شيء تحبه خارج العمل لتمارسه
إذا كان لديك شيء متحمس للقيام به بعد العمل، فسيسهل عليك الانفصال عن رسائل العمل أو إنهاء يومك في وقت محدد مسبقًا.
تعزز هواياتنا طاقتنا وحيويتنا فعندما نأخذ قشطاً من الراحة ونشعر بالاسترخاء، نستعيد ذاتنا الجديدة للعمل.
8. أعد النظر في العمل الذي يجعلك تتوق إلى التوازن
إذا شعرت أن عملك لا علاقة له تمامًا بالأنشطة التي تثير اهتمامك وحماسك وطاقتك، فقد تحتاج إلى النظر في كيفية تغيير العمل الذي تقوم به أو الطريقة التي تقوم به بها.
فنجد أن العمل لا يستطيع تلبية جميع الاحتياجات المعنوية والاتصال الاجتماعي، لكنه يمكن أن يوفر لحظات من الرضا والإنجاز.
9. تواصل مع مديرك
غالبًا ما يتفاقم ضعف التوازن بين العمل والحياة بسبب الخوف من أننا لا نبذل جهدًا كافيًا.
يمكن أن يساعدك التحدث إلى قادتك في تحديد أولوياتك فيما يتعلق بكيفية قضاء وقتك، إذا كان هناك الكثير مما يجب القيام به حقًا، فقد يكون الوقت قد حان للتحدث عن توظيف مساعدة إضافية أو تبسيط مهام معينة.
10. تحديد حدود واضحة بين العمل والحياة الشخصية
يعد تحديد الحدود في العمل طريقة فعالة لخلق توازن بين العمل والحياة لأنه يضمن لك توفير الوقت والمساحة للجوانب الشخصية.
تشمل الحدود المحتملة عدم أخذ العمل إلى المنزل، وعدم التحقق من بريد العمل الإلكتروني في عطلات نهاية الأسبوع ومغادرة العمل في الوقت المحدد كل يوم.
لكن من المحتمل وجود استثناءات عرضية أو حالات طوارئ في اللحظة الأخيرة، ابذل قصارى جهدك للالتزام بهذه الحدود.
11. اجعل وقتك ذا قيمة
يتطلب التوازن الفعال بين العمل والحياة أن تقضي وقتك بشكل هادف في كل من المساحات المعنية. من خلال التأكد من قضاء وقتك خارج العمل في ممارسة الهوايات أو القيام بأنشطة تتوافق مع قيمك، يمكنك إعادة شحن مستويات طاقتك والشعور بمزيد من الرضا.
يساعدك هذا أيضًا على أن تكون أكثر حضورًا في العمل، مع العلم أن لديك فرصًا وفيرة لحياة كاملة خارج العمل أيضًا. وبالمثل، إذا شاركت في مشاريع صعبة وذات مغزى في العمل، فمن المرجح أن تختبر العمل على أنه مُرضٍ، وبالتالي، تجد أن كلًا من العمل وحياتك الشخصية قيمان.
12. تقديم التزامات ملموسة
يمكن تحقيق ذلك من خلال التسجيل في ألعاب الصالة رياضية مع صديق، أو استضافة الأصدقاء في منزلك أو حجز تذاكر للسينما.
من خلال الالتزام، تزيد من احتمالية متابعتك والحفاظ على التوازن المقصود بين العمل والحياة.
13. جدولة نشاط مستمر
فيما يتعلق بفكرة قضاء وقتك الشخصي بشكل هادف، فإن الالتزام بنشاط معين على أساس مستمر يمكن أن يساعد في تعزيز التوازن بين العمل والحياة لأنه يعطي اتجاهًا لأنشطتك الشخصية.
بمرور الوقت يُخلق شعور ارتباط أعمق بالأنشطة في حياتك الشخصية مقارنة بما لو فعلت شيئًا مرة واحدة فقط.
14. ابدأ صغيرًا
إذا كان التوازن بين العمل والحياة جديدًا بالنسبة لك، فإن البدء صغيرًا يمكن أن يكَون استراتيجية فعالة يمكن إدارتها لك ولزملائك في العمل وأصدقائك الذين قد يحتاجون إلى التكيف مع أنماطك الجديدة.
يمكن أن يكون أحد الأمثلة على ذلك تحديد حدود عمل واحدة والالتزام بها لبضعة أسابيع قبل زيادة حدود أخرى اجتماعيًا، يمكن أن تجرب أسبوعاً وتزيد الالتزامات الأخرى بمرور الوقت.
فالبدء بأشياء صغيرة يزيد من فرص النجاح، مما قد يوفر الحافز لإنشاء ممارسات مماثلة إضافية.
15. تعدد المهام حيث يمكنك
على الرغم من أنه قد يبدو غير بديهي، فإن تعدد المهام يمكن أن يخلق توازنًا أكبر بين العمل والحياة لبعض الأفراد.
على سبيل المثال، قد يختار المعلمون الذين يرغبون في مغادرة العمل باكراً تصحيح الأوراق في المنزل أثناء مشاهدة التلفزيون، فعلى الرغم من أنهم يعملون من المنزل من الناحية الفنية، إلا أن هذا يسهل توازنًا أفضل بين العمل والحياة لأنه يسمح لهم بالاستمتاع بوقت المغادرة المبكر من خلال ملء ساعات المساء المبكرة بأنشطة شخصية ذات مغزى.
يعد الانضمام إلى مكالمة عمل أثناء القيادة أو تناول غداء عمل هي أمثلة أخرى على تعدد المهام التي يمكن أن تعزز توازنك بين العمل والحياة من خلال توفير الوقت في مكان آخر.
16. مقاومة الكمال
إن فكرة تقسيم وقتك وطاقتك بين أكثر من كيان وعدم التركيز على أي شيء واحد هي الأساس لتحقيق التوازن بين العمل والحياة، نظرًا لأن الحدود اللازمة للحفاظ على هذا التوازن لا تساعد على الكمال، فمن المفيد الاعتراف بذلك في وقت مبكر.
ستكون هناك أوقات تسعى فيها إلى الوفاء بالتزاماتك الشخصية وتفشل أو تهدف إلى التواجد الكامل في العمل بعد عطلة نهاية أسبوع شخصية ولا يمكنك ذلك.
إن الاعتراف بالتوازن بين العمل والحياة كمهمة صعبة وقبول أنك قد لا تحقق أهدافك دائمًا على طول الطريق يمكن أن يساعدك في إدارة توقعاتك.
17. اسمح بالمرونة
إن تحقيق التوازن بين العمل والحياة لا يعني أن العمل والحياة يمثلان دائمًا 50% من وقتك وطاقتك. ستكون هناك أوقات يكون من الضروري فيها إعطاء أحدهما أكثر من الآخر. المهم هو أن تكون على دراية بالحاجة إلى التوازن، وأنك تنشئ أنظمة وهياكل لدعم ذلك وأن تكون مرنًا في إنشاء روتينات جديدة حسب الحاجة.
ومن الأمثلة الرائعة على ذلك ساعات عملك، فحتى إن كنت تعمل عادةً لمدة 8 ساعات في اليوم، فإن مقابلة صديق من خارج المدينة لتناول الغداء أو مشاهدة حفل طفلك في العطلة قد يعني المغادرة قبل بضع ساعات في أحد الأيام.
إن المرونة والبقاء حتى وقت متأخر لتعويض ذلك في ليلة أخرى يساعد في تخفيف مخاوف التغيب عن العمل ويسمح لك بتلبية التزاماتك الشخصية والمهنية.
18. راقب تقدمك
أخيراً، إن مراقبة تقدمك كل بضعة أشهر يمكن أن يساعد في تحسين التوازن بين العمل والحياة لأنك تستطيع تحديد ما يعمل وتعديل ما لا يعمل. ربما كان من الصعب الحفاظ على الحدود التي وضعتها وترغب في تعديلها.
إن اكتشاف أن العلاقة غير المتوازنة بين العمل والحياة الشخصية هو الخطوة الأولى في تصحيحها، قد يستغرق الأمر بعض الوقت، لكن العادات اليومية أو الأسبوعية الصغيرة يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا في الأمد البعيد.
🔸شاهد أيضاً: كيف تدرس السوق والمنافسين لتنمية مبيعاتك – مع عمر معتز General Manager For NymCard #146