مع كثرة المشتتات من حولنا وزيادة المهام اليومية أصبحنا لا نشعر بالوقت، على الرغم من أنه أهم عنصر يمتلكه الإنسان، حيث لا يمكن تعويض ما فات منه، وهنا يأتي دور إدارة الوقت لنجعل مرور الوقت في صالحنا، من دون ندم على قضاء الوقت دون إنجاز ما نريد. من أهم استراتيجيات إدارة الوقت هي تقنية “البومودورو” أو تقنية الطماطم، وفي هذا المقال سنتعرف على هذه التقنية وسبب تسميتها وكيف نطبقها في حياتنا اليومية. 

ما هي تقنية البومودورو؟ 

تم ابتكار تلك التقنية على يد الإيطالي “فرانشيسكو سيريلو” في أواخر الثمانينيات، ويتبين لنا مدى فعاليتها في إدارة الوقت من خلال استخدامها وتطبيقها على الرغم من مرور أكثر من 35 عامًا على وجودها، وانتشارها في العالم كله. 

سبب التسمية

“بومودورو” تعني بالإيطالية الطماطم، فيُطلق عليها بالعربية تقنية البندورة أو الطماطم، وقد استلهم “فرانشيسكو” تلك التقنية من مؤقِّت الوقت الموجود في المطابخ ويكون على شكل طماطم ومن هنا جاءت التسمية. 

شرح تقنية البومودورو

تعتمد تلك التقنية على ضبط المؤقِّت على 25 دقيقة والبدء في عمل مهمة واحدة بتركيز مع الابتعاد عن أي مشتتات، ثم أخذ استراحة قصيرة مدتها 5 دقائق، ثم إعادة ضبط المؤقِّت، وهكذا حتى تُتم أربع مدد زمنية تتكون كل منها من 25 دقيقة، حينها تُؤخَذ استراحة مدتها تتراوح بين 15-30 دقيقة.

كيف تطبق تقنية البومودورو بنجاح؟

• بدايةً حدد المهام التي تريد إنجازها، ثم قم بتقسيم المهام الكبيرة إلى أجزاء أصغر يمكن إنجازها في 25 دقيقة إن أمكن. 
• قم بضبط المؤقِّت على 25 دقيقة، وركز في مهمتك واعمل على إتمامها. 
• ابتعد عن المشتتات من حولك أثناء العمل. 
• عندما يرن المؤقِّت بعد 25 دقيقة، قم بوضع علامة على المهمة التي تم إنجازها.
• قم بضبط المؤقِّت على 5 دقائق والاستمتاع بالاستراحة.  
• لا تبقَ على مكتبك أثناء الاستراحة، ولكن يمكنك المشي أو شرب الماء أو عمل حركات رياضية بسيطة لتنشيط نفسك، أو تحضير مشروب لك. 
• كرر تلك العملية، وعندما يرن المؤقِّت أربع مرات عمل، قم بأخذ استراحة كبيرة لا تتجاوز مدتها 30 دقيقة ولا تقل عن 15 دقيقة. 

🔶اقرأ ايضًا: إدارة الذات | مفهومها وأهميتها و 8 طرق لتحقيقها

فوائد تقنية البومودورو

تعتبر هذه التقنية من أفضل استراتيجيات إدارة الوقت، ولها فعالية كبيرة، وتساعد الكثير من الناس في إنجاز مهامهم اليومية، وفيما يلي بعض من أهم فوائد “البومودورو”: 

زيادة التركيز والإنتاجية 

تعمل هذه التقنية على زيادة الانتباه والتركيز في مهمة واحدة فقط في خلال مدة قصيرة، كما أن تقسيم المهام الكبيرة إلى أجزاء صغيرة يولد شعورًا بسهولة إنجاز المهام المطلوبة. 

التخفيف من الإرهاق الذهني 

يؤدي التركيز في العمل لمدة طويلة إلى الشعور بالإرهاق الذهني والتعب وعدم القدرة على إكمال العمل، على عكس طريقة الاستراحات الصغيرة بعد مدة عمل قصيرة الموجودة في “البومودورو”. 

علاج التسويف 

التسويف في الأساس هو حيلة نفسية للهروب من إنجاز المهام لشعور العقل بصعوبتها، ولكن تقسيم المهمة الكبيرة لأجزاء أصغر، والتركيز على كل جزء لمدة 25 دقيقة فقط، يقلل من ثقل أداء المهمة، بل ويجعل الفرد يشعر بالإنجاز؛ مما يدفعه إلى استكمال باقي المهام. 

زيادة الوعي بالوقت 

فكرة ضبط المؤقِّت ومراقبة الوقت يزيد من شعورنا بمرور الوقت، ويتيح لنا معرفة الوقت الذي نحتاجه لكل مهمة، وتخصيص الوقت المناسب لها في المرات القادمة بدلًا من التقدير الخاطئ، وهذا يعزز من إدارتنا للوقت. 

رفع كفاءة العمل 

توفر تلك التقنية ذهنًا مرتاحًَا لديه الاستعداد للعمل بتركيز، وأيضًا تنظم المهام وترتب الأولويات، وهذا من شأنه أن يزيد جودة وكفاءة العمل المطلوب إنجازه، حيث يكون الانتقال من مهمة إلى أخرى سلسًا ويوفر علينا عناء التشتيت بين المهام المختلفة. 

تحقيق التوازن بين العمل والحياة 

إدارة الوقت وتخصيص وقت محدد للعمل يجعلك قادرًا على إيجاد وقت للعائلة، وأخذ قسط من الاسترخاء في أثناء اليوم، وحماية يومك من الفوضى وعدم وجود وقت للحياة الاجتماعية. 

الشعور بالإنجاز 

عند إتمام المهمة في 25 دقيقة ستشعر بأنك حققت هدفًا من أهداف اليوم، وهذا يعني إعطاء العقل جرعة من الدوبامين الذي يسبب شعورك بالسعادة والإنجاز، ويجدد رغبتك في إنهاء باقي المهام. 

نصائح عند تطبيق تقنية البومودورو 

من مميزات تقنية الطماطم أنها قابلة للتعديل حسب الفروق الفردية للأشخاص، وإليك بعض النصائح عند اعتماد التقنية وإدخالها في يومك: 

التكيف والتغيير

بعض الأعمال والمهام لا يتماشى معها تحديد 25 دقيقة لإنجازها، كما أن بعض الأشخاص يفضلون التركيز لفترة أطول ويشعرهم أخذ استراحة كل 25 دقيقة بالتشتت، وعليه فيمكنك تحديد الوقت المناسب لك للتركيز على المهمة الواحدة، فأنت المتحكم في ضبط المؤقِّت، جرب فترات زمنية مختلفة حتى تحدد أنسب فترة زمنية لك، سواء بخصوص مدة العمل أو مدة الاستراحة. 

الاستعانة بالتكنولوجيا 

ليس بالضرورة وجود مؤقِّت مادي أمامك، ولكن يمكنك استخدام الهاتف الذكي والتطبيقات التي تنفذ التقنية مثل تطبيق “Pomodone” و “Focus Booster”، وإن كان الابتعاد عن الهاتف الذكي أفضل لك، حتى لا يشتت تركيزك في أثناء العمل. 

ركز على المهمة 

لا تترك العمل طوال المدة التي حددتها وركز على إتمام المهمة المطلوبة، وعدم الاستجابة للمؤثرات الخارجية المُلهية، أيضًا التزم بمدة الاستراحة، واجعل حركتك متوافقة مع المؤقِّت. 

تواصل مع من حولك

أخبر مَن حولك سواء زملاء العمل أو أفراد الأسرة إن كنت تعمل في المنزل بضرورة عدم مقاطعتك في أثناء العمل، والانتظار حتى وقت الاستراحة للتحدث معهم حينئذ. 

كافئ نفسك

الالتزام وإتمام المهام المطلوبة أمر يستحق المكافأة، فقدِّم لنفسك مكآفات صغيرة بين مدد العمل، وبعد الانتهاء من العمل؛ لتكون حافزًا لك للاستمرار في متابعة العمل. 

تطوير الذات 

تمنحك إدارة الوقت الشعور بالرضا من خلال التطوير والتحسين الذي يحدث تدريجيًّا بسبب الالتزام بخطة العمل، والشعور بجعل الوقت يمر في صالحك. 

في النهاية فإن تقنية “البومودورو” أو تقنية الطماطم من أفضل أدوات إدارة الوقت التي توفر لك العديد من المزايا التي تساعدك على الشعور بالتحسن والتقدم، سواء في الجانب المهني أو في كسب المهارات الحياتية الأخرى، كما تزيد من شعورك بقيمة الوقت واستغلاله وإنجاز ما يفيد فيه، خاصةً أن أغلب العناصر حولنا تدفعنا إلى تضييع الوقت، خاصة مع وجود الملهيات بكثرة حولنا، والتي تعطي عقولنا جرعات من الدوبامين في وقت قصير جدًّا؛ مما يصعب عليه عملية التركيز لمدة قليلة، فالتشتيت سمة من سمات عصرنا الحديث. 

استخدام تقنية “البومودورو” بشكل أساسي في حياتك وجعلها جزءًا من روتين يومك سوف يدهشك بما توفره هذه التقنية من مساعدة في تنظيم وإدارة الوقت، وسيكون سببًا في تحقيق الكثير من الأهداف والشعور بالنجاح، فهي تحسن من نفسيتك، وتحقق لك التوازن بين العمل والحياة، وتعمل على تحسين الإنتاجية. 

الوقت يساوي أعمارنا، وليس من المعقول تضييع أعمارنا في اللاشيء، أو أن نتعامل مع الوقت باعتباره بلا قيمة، إذ يكمن مفتاح الحياة الناجحة في كيفية إدارة الوقت، وجعله يعمل لصالحنا لا العكس، وإدراك أهمية الوقت هو بداية تلك الخطوة التي ستجعلنا نشعر بالرضا والإنجاز.

🔶شاهد أيضًا: بودكاست: كيف تبني مهارة التواصل وبناء العلاقات؟ مع دكتور شريف عبد العال