الريادة والتفوق هما المطمح الرئيسي لأي مؤسسة سواء كانت ربحية أو غير ربحية أو حتى مؤسسة حكومية، ففي النهاية الجميع في سباق تنافسي مع غيرهم من المؤسسات المحلية أو الدولية، والتميز هو البداية الحقيقة للنجاح، حيث تعمل استراتيجيات القيادة المتميزة على الاستدامة والنمو عن طريق تطبيق الجودة الشاملة داخل المؤسسة.
ثقافة التميز
يمكننا القول بأن ثقافة التميز هي عبارة عن نهج وسياسة تتبعها المؤسسة من خلال تطبيق مجموعة من القيم والاستراتيجيات المتعلقة بأساليب القيادة وبناء السياسات الداخلية لبيئة العمل، بغرض تعزيز الأداء للمؤسسة وتقديم أفضل جودة للمتعاملين والجمهور الخارجي.
باختصار هي مجموعة من المبادئ التي تدفع المؤسسة إلى تحقيق أعلى مستوى من الجودة والأداء الفائق.
🔸إقرأ أيضاً: كيف تطور التسويق في الثورة الرقمية على مدى الـ 120 عامًا الماضية؟
مبادئ واستراتيجيات ثقافة التميز
للحصول على أفضل نتائج من ثقافة التميز يجب تطبيقها بشكل سليم ومعرفة أهم المبادئ التي تقوم عليها، وهذا ما تجده في الفقرات التالية:
امتلاك رؤية واضحة
تحديد الأهداف التي تسعى المؤسسة لتحقيقها وامتلاك رؤية واضحة يحقق لها التميز، حيث ستكون قادرة على توجيه كافة الجهود التي تبذلها المؤسسة نحو تحقيق الهدف المنشود، وهذا يؤدي إلى الاستباقية والريادة في قطاع عمل المؤسسة، حيث تحدد القيادة المسار المناسب للخطط المستقبلية وتسخر الإمكانات المتاحة لديها نحو أهدافها.
تقديم أفضل خدمة/منتج للجمهور
الجودة من أهم العوامل التي تقوم عليها ثقافة التميز، تقديم أعلى جودة للمنتج أو الخدمة للعملاء الحاليين أو العملاء المحتملين التي تسعى المؤسسة في استقطابهم وضمهم ضمن شريحة عملاء الشركة.
الحفاظ على الاستدامة
يجب العمل من أجل بقاء الشركة والعمل على تحقيق النمو والحفاظ على الميزة التنافسية لتحقيق الاستدامة، فالاستدامة لم تعد رفاهية أو أمر ثانوي للمؤسسات، بل باتت حاجة ملحة في ظل التنافس الشديد الذي فرضته التحديات المعاصر.
الاستثمار في الموارد البشرية
العاملون داخل المؤسسة هم رأس مال الشركة، والحفاظ عليهم وتطوير مهاراتهم باستمرار من أهم الوسائل في الحفاظ على ولاء الموظف وارتباطه بالشركة، وذلك من خلال تقديم دورات تدريبية وورش للعاملين بهدف زيادة النمو المهني، وهذا بالطبع ينعكس على تحسين الجودة الإنتاجية.
الاستجابة الفعالة للظروف المحيطة
تتسم المؤسسات التي تتبنى ثقافة التميز بالاستجابة الفعالة وسرعة التأقلم والتكيف مع التغييرات المختلفة، سواء قدرتها على اغتنام الفرص المتواجدة في السوق، أو التمكن من خلق فرص جديدة تبعًا للمتغيرات الحادثة، أو التعامل مع التحديات والأزمات المفاجئة، وقد شهدنا جميعًا كيف أثرت على جائحة الكورونا على العديد من الشركات، وكيف تعاملت معها بعض المؤسسات بإيجابية، وأخرى قد واجهت صعوبات وخسائر بليغة.
التشجيع على الإبداع والابتكار
العمل على خلق بيئة عمل تشجع على الابتكار والتطوير المستمر، فحين تتوقف الشركة على الابتكار تبدأ بتراجع مرتبتها بين المنافسين، فالتطوير من أعمدة الاستدامة، ومن عوامل تحسين الإنتاجية، توفير بيئة عمل تسمح للموظفين بالإبداع يجعلهم أكثر قدرة على تقديم حلول مبتكرة.
التواصل الفعال
يعمل التواصل الفعال على خلق روابط بين العاملين في المؤسسة وتحسين التفاهم بينهم، مما يساهم في دعم العمل الجماعي، وتعزيز تعاون الفرق والأفراد داخل الإدارات المختلفة في العمل معًا. أيضًا تسمح سياسة الباب المفتوح بسهولة التواصل بين الإدارات العليا والموظفين، خاصةً عند وقوع أزمات تؤثر على المؤسسة فالشفافية التي تتبناها الشركة تساعد في المرور من الأزمة بنجاح وتزيد الثقة بين المدراء والموظفين.
سياسة المكافآت
اعتراف إدارة المؤسسة بالجهود المبذولة من قبل العاملين يعزز من شعورهم بالثقة والانتماء نحو المؤسسة، فنظام المكافآت يرفع الروح المعنوية بين الموظفين وتعمل على تشجيع الآخرين في تقديم أداء أفضل، ومن الممكن أن تكون المكافأة مالية أو معنوية مثل الإشادة بجودة العمل المقدم.
المراقبة والتقييم
الاستمرار في التميز وتقديم أفضل أداء مهني، لابد وأن يكون وراءه مراقبة للجودة واستخدام مؤشرات قياس الأداء ومدى تحقيق الأهداف التي تعمل المؤسسة من أجل تحقيقها، وعملية التقييم تكون عبر تحليل النتائج وتقديم تقارير بمدى فعالية خطة العمل ولأي مدى استطاعت تحقيق الأهداف، وهذا من أجل التحسين المستمر لاستراتيجيات الشركة.
تحديات تطبيق ثقافة التمييز داخل المؤسسة
تبني ثقافة التميز وجعلها مكون أساسي في الإدارة ليس بالأمر السهل، ولكن قد تواجه المؤسسات مجموعة من التحديات المختلفة عند تطبيق استراتيجيات التميز، وفيما يلي أشهر تلك التحديات وكيفية التعامل معها:
مقاومة التغيير
في أغلب الأحيان يخشى العاملين تغيير الوضع القائم ويقاومون ذلك حتى بدون وعي منهم، لأنهم يشعرون بالراحة والتآلف معه، ولا يرغبون في إحداث أي تغيير، والتعامل الأمثل في هذا الوضع هو إشراكهم في التغيير من خلال توضيح فوائد التغيير وأثره الإيجابي الذي يعود عليهم، وتقديم ورش تدريبية تساعدهم على التكيف مع التغيير وكيف يتعاملون معه ويكونون جزءًا منه.
الإشكالات التنظيمية
من الممكن أن تواجه المؤسسات صعوبة في أخذ موافقات لقرارات تتعلق بالتغيير؛ بسبب البيروقراطية، أو التداخل الوظيفي بين الإدارات المختلفة الذي يقف عائقًا أمام سلاسة تسيير العمل.
غياب القادة الملهمون
عدم وجود قادة تمتلك رؤية واضحة وطاقة إبداعية تعمل على إيجاد حلول مبتكرة وخلق بيئة عمل تحفيزية من أسباب فشل التغيير، والحل هو اختيار قادة مؤهلة لأدوارهم الوظيفية، وتطوير القادة الحاليين لتحسين مهاراتهم القيادية.
الميزانية المحدودة
نقص الموارد المالية من الأمور التي تعيق التغيير، ففي بعض الأحيان لا تكفي الموارد المالية من تقديم التدريبات اللازمة للموظفين، أو تطوير البنية التحتية التكنولوجية التي تحتاج إليها المؤسسة.
عدم الالتزام
غياب الرؤية والحافز لدى العاملين يجعلهم غير مهتمين بالالتزام تجاه السياسات الجديدة، والحل هو خلق بيئة عمل إيجابية، والاستماع للموظفين و طمأنتهم عن أي مخاوف لديهم.
تحقيق التوازن بين العمل والتطوير
التغيرات الإدارية أو التطوير لمهارات العاملين يتطلب تقديم دورات تدريبية وورش عمل مكثفة، وهذا يحتاج إلى إدارة جيدة للوقت، لتحقيق التوازن بين إنجاز مهام العمل اليومية، وأيضًا حضور التدريبات والتعلم المهني.
التواصل غير الفعال
غياب التواصل بين الإدارة والعاملين يؤدي إلى حدوث فوضى، حيث قلة المعلومات المقدمة للموظفين وعدم إشراكهم في عملية التغيير يجعلهم يشعرون بعدم الأمان، والحل في ذلك تزويدهم بالمعلومات اللازمة.
في النهاية تبني استراتيجيات ثقافة التميز وإدخالها كعنصر أساسي في إدارة المؤسسات المختلفة يضمن لها تحقيق الاستدامة والريادة، فهي ليست هدف مرحلي، ولكنها سياسة يتم تطبيقها على كافة مستويات الشركة، وهذا يحتاج إلى جهد والتزام من جميع الموظفين والقادة، حيث تقوم القادة بدور هام ومحوري في بناء ثقافة التميز داخل المؤسسة.
وبرغم التحديات التي تواجه المؤسسة مثل مقاومة التغيير، وقلة الموارد، وغيرها من المعوقات إلا أن التميز يحقق الكثير للمؤسسة والعاملين بداخلها، ويضيف لها قوة في السوق ويحفظ لها ميزتها التنافسية، وكسب حصص سوقية إضافية، من خلال التحسين المستمر لجودة العمل، وتقديم الأفضل لجمهورها، وأيضًا يؤثر في الجمهور الداخلي للمؤسسة حيث تعمل على زيادة النمو المهني لديهم، وتطوير مهارات العاملين، وتعزيز التفكير الإبداعي لديهم.
وأخيرًا لا تحافظ المؤسسات على هذا الزخم والتميز بدون متابعة وتقييم للجهود التي تبذلها لاستمرار عمليات التحسين.
🔸شاهد أيضاً: تحقيق الارباح من الاستثمار في الشركات الناشئة والمتوسطة – طارق رشدي UI investments