يتداخل علم النفس مع علم التسويق وفنون البيع والإقناع بشكل كبير، خاصةً أن البيع يعتمد في الأساس على فهم سلوكيات العميل ودوافعه الشرائية حتى يتمكن البائع من التأثير عليه ودفعه/ إقناعه بعملية الشراء، من خلال تطبيق بعض استراتيجيات وقواعد علم النفس الخاصة بالإقناع، فظهر مصطلح التسويق النفسي على هذه العملية. وفي هذا المقال نلقي الضوء على علاقة علم النفس بفنون البيع، وما هي أبرز استراتيجيات التسويق النفسي.
التسويق النفسي
يشير مصطلح “التسويق النفسي” إلى دمج مبادئ علم النفس والاستفادة من نظرياته في الاستراتيجيات التسويقية بهدف التأثير على الجمهور، وتحفيز دوافع الشراء لديهم سواء العاطفية أو المنطقية، لاتخاذ قرار الشراء، ومن ثم زيادة المبيعات والأرباح وضمان ولاء العميل.
استراتيجيات التسويق النفسي
هدف كل بائع هو إتمام الصفقة الشرائية بنجاح، ويكون ذلك من خلال فهم العميل والتأثير على الجانب العاطفي لديه أكثر من العقلاني لإقناع العميل بالمنتج أو الخدمة. وفيما يلي أبرز استراتيجيات التسويق النفسي التي لها تأثير على المستهلكين:
استراتيجية الندرة
تعتمد تلك الطريقة على خلق شعور بضرورة الشراء بشكل سريع نظرًا لندرة المنتج وعدم التمكن من الحصول عليه في وقت لاحق، ويُستخدم هذا الأسلوب في العروض والخصومات، أو في المنتجات ذات الإصدار المحدود، وقد أظهرت دراسة لـ“Behavioral Science” أن 60% من العملاء يتخذون قرارات شرائية بسبب العروض المحدودة بوقت التي توفر فرصة شراء بأسعار منخفضة.
التواصل أو التأثير الاجتماعي
يميل الجمهور إلى شراء منتجات قد تم تجربتها من قبل، إذ يعتمدون على آراء وتوصيات المستخدمين السابقين أو أحد أصدقائهم أو المؤثرين والمشاهير عبر الإنترنت، حيث أفاد تقرير من “Nielsen” أن 70% من المستهلكين يتخذون قرار الشراء بناءً على آراء وتوصيات الآخرين.
تخصيص الرسالة التسويقية
شخصنة أو تخصيص تجربة العميل تزيد من درجة ولائه للعلامة التجارية، حيث يفضل 91% من العملاء الشركات التي تقدم لهم توصيات ذات صلة بسلوك العميل وتفضيلاته الشرائية.
التحفيز بالمكافآت أو التبادلية
تعتمد تلك الاستراتيجية على تقديم شيء إلى العميل فيشعر بضرورة الرد والعطاء مقابل ما قدمته الشركة له ابتداءً، وتخلق تلك الاستراتيجية علاقة تبادلية بين العميل والعلامة التجارية، فحين تقدم الشركة هدايا أو عروض مميزة جدًّا للجمهور، فهذا يحفز قرار الشراء لديهم، لأنهم أصبحوا أكثر ميلًا لهذه العلامة التجارية.
السرد القصصي
استخدام الأسلوب القصصي في التسويق يلفت الانتباه، ويعزز من الشعور بالانتماء والصلة بين العميل والعلامة التجارية، مما يجعل تذكرها أسرع من غيرها عند الشراء، حيث يشعر الجمهور بالعاطفة نحو العلامة التجارية التي شاركتهم قصصًا وذكريات من قبل.
استراتيجية الالتزام أو الخطوة الأولى
يشعر الجمهور بالالتزام تجاه العلامة التجارية إذا استجابوا لأول خطوة طلبتها منهم الشركة، مثل البدء بطلب بريدهم الإلكتروني، ثم مشاركة صور لهم أثناء استخدامهم للمنتج، وهكذا يبقى هناك جانب من الالتزام من قِبل العميل، والاستجابة للرسائل التسويقية التي تبثها العلامة التجارية.
🔸اقرأ أيضًا: علم النفس وإتقان البيع | 11 استراتيجية لمضاعفة المبيعات
الراحة البصرية
استخدام ألوان وعناصر بصرية متناسقة، والاعتماد على ألوان محددة لتحفيز الربط بين هذا اللون والعلامة التجارية، مثل الربط بين اللون الأحمر وشركة كوكاكولا، حيث تزيد احتمالية التعرف على العلامة التجارية من خلال الألوان فقط بنسبة تصل إلى 80%، فالاعتماد على الجانب البصري له أهمية كبيرة في تعزيز العلاقة بين العميل والشركة.
الإعجاب
كم مرةً وجدت نفسك تريد الشراء لأن شكل المنتج أعجبك حتى وإن لم تكن بحاجة إليه، ولكن أسلوب التعبئة وشكل المنتج الخارجي أثار انتباهك ودفعك للشراء، كذلك عند حصولك على خدمة ما إذا وجدت مقدمي الخدمة ودودين فإن ذلك يزيد من تكرار تجربتك للعلامة التجارية، أيضًا الاعتماد على المشاهير لخلق زخم اجتماعي حول المنتج أو الخدمة.
الاعتماد على سلطة أكبر
في هذه الاستراتيجية يتم الاعتماد على سلطة أكبر عند تسويق السلعة، مثل التوصية من الخبراء أو الأطباء أو حصول المنتج على شهادات جودة، على سبيل المثال: منتجات معجون الأسنان التي تعتمد على تأكيد فعالية المنتج من قِبل أطباء الأسنان.
التركيز على الهوية
يتم استخدام هذه الطريقة عند التسويق لسلعة ما لجمهور محدد ذي هوية واحدة تجمعهم، على سبيل المثال: تقديم منتج لمشجعي أحد الأندية دون غيره.
الخوف من الفقدان FOMO
انتشر في الفترات الأخيرة مصطلح FOMO وهو الخوف من الفقدان “Fear Of Missing Out”. باختصار تعتمد هذه الاستراتيجية على خلق شعور لدى الجمهور بأنهم خارج السياق وأنه قد فاتهم شيء يصعب تعويضه بعدم شرائهم لمنتج ما، وقد أفادت دراسة من “Eventbrite” أن 69% من جيل الألفية يعانون من الخوف من الفقدان والرغبة في مشابهة أقرانهم.
الاختيارات المحدودة
كثرة الاختيارات المتاحة أمام العميل تجعله يشعر بالحيرة والارتباك، وحينها يكون إلغاء عملية الشراء أكثر راحة له، لذا فإن محدودية الاختيارات تجعله أكثر قدرة على اتخاذ قرار بالشراء.
التأثير على الفضول
إثارة فضول العميل من الأساليب الناجحة لاستكمال عملية الشراء أو الدفع للاستجابة للرسالة التسويقية أيًّا كانت، مثل تعرضه للعنوان أو قراءة نصف الموضوع، فعندما يطلب منه النقر والتحويل للموقع لمعرفة بقية الموضوع يجعل ذلك استجابته أعلى من تعرضه لطلب النقر مجردًا بدون عامل تحفيز.
استراتيجية التكرار
حين يتعرض العميل للإعلان أكثر من مرة في أماكن مختلفة مثل مشاهدته على التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي وإعلانات الطرق، يجعل ذلك العلامة التجارية أكثر ثقة وألفة لديه عن غيره من المنافسين.
استراتيجية المقارنة السعرية
تزيد معدلات الشراء عند وضع سعر السلعة قبل الخصم وبعده، لكن على جانب آخر فإن رؤية العميل لمنتج بسعر أغلى من غيره يجعله يتشكك في جودة المنتج ذي السعر الأقل.
خدعة ديكوي
تظهر فعالية خدعة ديكوي في المطاعم والاشتراك في النوادي الرياضية أو حجز الفنادق، إذ تعتمد تلك التقنية على تقديم سلعة أصغر حجمًا أو أقل مدة بسعر أقل بنسبة بسيطة عن سعر منتج ذو حجم أكبر أو الحصول على الخدمة لمدة أطول، إذ يدفع ذلك الجمهور إلى اختيار السلعة الأكبر والأعلى سعرًا، لأن الفارق السعري بينهم ليس كبيرًا، ولكنها تبقى أعلى سعرًا وبالتالي تحقيق مبيعات أعلى للعلامة التجارية.
مميزات التسويق النفسي
الاعتماد على استراتيجيات التسويق النفسي والدمج بينهم في الحملات التسويقية له العديد من المميزات، نعرض لبعضها في النقاط التالية:
- الفهم العميق لدوافع المستهلكين للشراء.
- تعزيز ولاء العملاء للعلامة التجارية.
- تحقيق مبيعات وأرباح أكبر للشركة.
- دعم الحملات التسويقية وزيادة فعاليتها.
- تحسين تجربة المستخدم، إذ يجد نفسه أمام علامة تجارية قادرة على تلبية احتياجاته.
- زيادة معدلات النقر والتحويل.
- الحفاظ على مكانة العلامة التجارية بين المنافسين.
في نهاية المقال، فإن الاعتماد على نظريات علم النفس في التسويق ومخاطبة الجمهور والعمل على إقناعه له فاعلية ملموسة على أرض الواقع حتى من قبل ظهور مصطلح “التسويق النفسي”، فالبائع الناجح هو الذي لديه القدرة على تحليل الجمهور المستهدف وفهم دوافعه الشرائية، والتمكن من مخاطبته، وصياغة الجمل التي تؤثر عليه عاطفيًّا وعقلانيًّا بهدف الاستجابة إلى الرسالة التسويقية، ومن ثم يشعر العميل بالانتماء والولاء للعلامة التجارية، ويميل لاختيارها من وسط المنافسين، بل وتوصية مَن حوله بالشراء من نفس العلامة التجارية، نظرًا لجودة المنتج وتجربة المستخدم المميزة.
🔸شاهد: التسويق بشكل صحيح حتى تحقق مبيعات كبيرة مع مدحت ياسين