نشأ مفهوم التسويق كرد فعل للفكر الاقتصادي الكلاسيكي السائد في القرن التاسع عشر، والذي كان غير قادر على حل المشاكل الناجمة عن النمو السريع للاقتصاد، ولا سيما في ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية. وقد ظهرت المفاهيم الأولى له في القرنين السابع عشر والثامن عشر في فرنسا والمملكة المتحدة، لكن الولادة الحقيقية له كانت بعد أزمة 1929، حيث انطلقت بداية نهج التسويق، وتطور منذ ذلك الحين مفهومه وتطبيقاته ليصبح اليوم من أهم الركائز التي تعتمد عليها الشركات الناجحة لتحقيق الربح والاستمرارية في السوق التنافسية.
ما هو التسويق؟
يمكن تعريف التسويق على أنه تحليل احتياجات المستهلك ومجموعة الوسائل التي تستخدمها الشركات والمنظمات للتأثير على سلوكه. حيث يعتمد على خلق القيمة التي يراها العميل وتكييف العرض التجاري للشركة مع رغبات المستهلكين. حتى عام 2004، تم تعريفه من خلال 4Ps: سياسة المنتج، السعر، التوزيع، وسياسة الإعلان. ومع ظهور شبكات التواصل الاجتماعي، أصبح له أبعاد أخرى تشاركية واجتماعية.
بمفهوم آخر، يمكن القول إنه: “تصميم عرض المنتج وفقًا لتحليل توقعات المستهلك (التسويق الاستهلاكي) مع مراعاة إمكانيات الشركة ومواردها وكذلك قيود البيئة (الاجتماعية والديموغرافية والتنافسية والقانونية والثقافية) التي تنشط فيها. كما يمثل أداة مساعدة في اتخاذ القرار، فهو يجعل من الممكن تحديد التركيبة المثلى (مزيج) من خصائص المنتج، والتي يمكن أن تلبي توقعات المستهلك، بأكثر الطرق ربحية ممكنة مع ضمان علاقة تجارية دائمة مع العملاء”.
أنواع التسويق
يمكن التمييز بين عدة أنواع من التَسويق، تتمثل في:
- التسويق المباشر: هو الذي يعتمد على الاتصال المباشر بالعميل من خلال وسائل الاتصال المختلفة مثل البريد الإلكتروني والهاتف والشبكات الاجتماعية وكذلك جميع مدونات الاتصال، حيث يشكل طريقة فعالة في تحديد الاحتياجات الدقيقة للعملاء وتطوير المنتج المناسب لهم.
- التسويق بالعلاقات: هو أكثر أنواع التسويق شيوعًا، حيث يعتمد على العلاقة مع العملاء وولائهم، وبالتالي يترجم هذا إلى تواصل مستمر مع المستهلكين والحفاظ على العلاقات بين الطرفين.
- التسويق التفاعلي: يعتمد على استخدام مختلف وسائل الاتصال التكنولوجية والإلكترونية من أجل الدفع نحو أكبر عدد ممكن من مبيعات المنتجات وعروض الخدمات. هذه الوسائل الإلكترونية المختلفة تشمل الرسائل والهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر وما إلى ذلك.
- التسويق الاستراتيجي: يهدف إلى تطوير وسائل البيع والتجارة، من خلال إجراء بحث حول رغبات واحتياجات العملاء المستقبلية وتطبيق الاستراتيجيات التي ستجعل من الممكن الوصول إلى المزيد من العملاء المحتملين في المستقبل.
- تسويق المنتجات: يسمح ببيع المنتجات التي تم تحديدها وإعدادها مسبقًا أو حتى إنشائها. الهدف منه هو جعل المستهلكين يرغبون في استخدام أو شراء المنتج المعني.
- التسويق التشغيلي: هو مكمل للتسويق الاستراتيجي، ويمثل المرحلة التنفيذية منه، حيث يتم فيه بدء الإنشاء والتشغيل وتنفيذ الخطة التسويقية.
من المهم جدًا تحديد الفرق بين التسويق والترويج، حيث يقتصر الأخير دراسة وإدارة الإعلانات من حيث العرض المقدم، والتسعير، وسيلة الإعلان والمادة الإعلانية، بينما يعد التسويق نهجًا متكاملًا يبدأ بدراسة سلوك المستهلك وتحليل السوق، ويستمر إلى ما بعد البيع.
أساسيات التسويق
التَسويق من الوظائف الأساسية التي تحدد استمرارية الشركة في الأسواق التنافسية وتحقيق الربح، ويتطلب التركيز على أساسيات جوهرية تتمثل في:
- الحاجة: ويقصد بها احتياجات المستهلكين وسلوكياتهم الشرائية.
- الرغبة: وهي الوسيلة المميزة لتلبية الحاجة.
- الطلب: سعة السوق أو الحصة السوقية، وتتمثل في عدد وحدات من منتج معين يرغب المستهلكون في شرائه خلال فترة زمنية معينة في ظل ظروف محددة.
- المنتج/ الخدمة: وهو الحل الذي يمكن تطويره وطرحه في السوق ليكون قادرًا على إشباع حاجة المستهلكين ورغباتهم.
- التبادل: عملية الحصول على منتج مرغوب فيه من مستهلك ما من خلال تقديم شيء في المقابل.
- الصفقة: فعل يقوم بموجبه طرفان على الأقل بتحقيق اتفاقية تبادل قيمة.
- العلاقة: كيفية تصور تبادل القيمة مع العميل من أجل إنشاء وإثراء وتوطيد علاقات تجارية شخصية ودائمة لتلبية جميع احتياجاتهم بشكل أفضل.
- قيمة السلعة أو الخدمة: هي قدرتها على تلبية الاحتياجات بالسعر المناسب.
- الجودة الشاملة: تتمثل في قيام الشركة بتحسين عملياتها التصنيعية من أجل تقديم منتج أو خدمة خالية من أي عيب.
- السوق: هو مجموعة المشترين الحاليين والمحتملين للمنتج، ويمثل في علاقة العرض والطلب.
- الإمكانات/ الفرص: الأشخاص الذين من المرجح أن يشتروا المنتج، العملاء المحتملين.
أهداف التسويق
يمثل التسويق أداة مهمة لاتخاذ القرار، ووظيفة أساسية تحدد سياسة الشركة وتوجهاتها، وتتمحور أهدافه حول:
- فهم احتياجات المستهلك وتطلعاته: حيث يمثل ذلك جوهر النهج التسويقي ونقطة الانطلاق.
- الحصول على حصة من السوق: من خلال تحديد شريحة العملاء المستهدفين “niche”.
- زيادة الوعي بالعلامة التجارية: ويقصد به مدى معرفة العملاء المستهدفين بالعلامة التجارية والمنتجات التي تقدمها.
- زيادة المبيعات: والذي يمثل الهدف النهائي للجهود التسويقية.
- الحفاظ على استمرارية نشاط الشركة في ظل سوق تنافسية: وذلك من خلال التطوير المستمر ومواكبة التغيرات في العوامل البيئية والسلوكيات الاستهلاكية.
- التوسع في الأسواق: من خلال إطلاق منتج أو خدمة تمثل حلولًا جديدة إلى السوق المستهدف لجذب عملاء جدد والمساعدة على نمو النشاط التجاري للشركة.
- بناء ولاء العملاء: وذلك بتطوير علاقة طويلة المدى مع العملاء، ويمكن قياس ذلك عن طريق الاحتفاظ بـ 90٪ من العملاء الحاليين، ومعدل تحويل 10٪ من العملاء المحتملين إلى عملاء دائمين.