إن الحفاظ على تراث العائلة مسؤولية ليست بهينة، إذ نجد أن الشركات العائلية رمزًا للاستمرارية والنجاح، فهي تمزج بين الروابط الأسرية والاحترافية، مما يخلق بيئة فريدة تتسم بالتعاون والتفاني. 

لكن إدارة البزنس العائلي ليست بالأمر السهل؛ فهي تتطلب مهارات خاصة وتوازنًا دقيقًا بين العلاقات الشخصية والاعتبارات التجارية.

 في هذا المقال، سنستعرض استراتيجيات فعالة ونصائح في إدارة البزنس العائلي، مع تسليط الضوء على التحديات التي تواجهها والفرص التي يمكن اكتنازها، دعونا نكشف كيف يمكن للعائلات أن تحافظ على تراثها مع بناء مستقبلًا مزدهرًا في آن واحد.

ما المقصود بالشركات العائلية؟ 

الشركة العائلية أو ما يعرف بـ family business هي منظمة يمتلكها أو يديرها أحد أفراد الأسرة المباشرة أو الممتدة سعياً في الحفاظ على تراث العائلة، وقد تضم الشركات العائلية أيضًا فردًا واحدًا أو أكثر من أفراد الأسرة المباشرة في فريق الإدارة، يجب أن يكون هؤلاء الأعضاء مرتبطين بالدم أو بالزواج.

 ينبغي أن تتمتع الأعمال المملوكة للعائلة بالصفات التالية:

•  تمتلك الأسرة الوحيدة النسبة الأكبر من الملكية.
• يكون لها سيطرة على نظام التصويت.
• تتمتع بالسلطة في اتخاذ القرارات الاستراتيجية.
• يجب أن تشارك أجيال متعددة من تلك الأسرة الواحدة في تلك الأعمال.

ولا يشترط نوع معين من الأعمال لتكون شركة عائلية، فممكن أن تضم الأعمال العائلية شركات الاستشارات أوشركات البناء وحتى ورش إصلاح السيارات وغيرها.

أنواع الشركات العائلية 

تتضمن الشركات العائلية عدة أنواع يمكن تقسيمها إلى:

الشركات العائلية البسيطة

في هذا النوع من الشركات يرتكز نشاطها على نوع واحد من النشاطات الاقتصادية، وتكون القيادة للابن الأكبر من كل جيل الذي بدوره يهدف لتحقيق النجاح للشركة، وبالتالي لا تحتاج هذه الشركات إلى حوكمة معقدة.

الشركات العائلية متنوعة الأعمال 

يتسم هذا النوع من الشركات بوجود عدد محدود من أفراد العائلة الواحدة، وتتنوع نشاطاتها الاقتصادية وتكون أكثر تعقيداً إدارياً، ويكون على المؤسس مسؤولية ضمان استمرار الشركة في السوق عن طريق جذب المواهب المتميزة من غير أفراد العائلة.

الشركات العائلية ذات الإدارة المشتركة

يتكون مجلس إدارة هذه الشركات من العديد من أفراد العائلة، إذ يشاركون في الإدارة والملكية معاَ.

الشركات العائلية ذات الطابع الأسري والتجاري المعقد

 في هذا النوع، تعتمد الشركات العائلية على الاستثمارات الكبيرة المعقدة، وتفضل إشراك الأجيال الجديدة من أفراد العائلة في القيادة والمسؤولية إذ تمتد إلى أكثر من 3 أجيال متتالية، مما يزيد ذلك من الترابط الأسري والعائلي. وفي هذا النوع يتطلب استخدام أنظمة حوكمة متطورة.

إيجابيات العمل في الشركات العائلية

قد يكون العمل في شركة عائلية أو لصالحها مفيدًا للموظفين الداخليين والخارجيين لعدة أسباب تتمثل في:

سهولة اتخاذ القرارات

على عكس الشركات الكبيرة، فإن العديد من الشركات المملوكة والمدارة عائليًا لديها هيكل إداري صغير، فمثلاً في حالات الموافقة على مشروع جديد أو منتج أو طريقة تصميم قد تحصل على إجابة أسرع وتكون قادرًا على بدء التنفيذ بشكل أسرع، أو في حالات الموافقة على إجازة مدفوعة الأجر أو طلب زيادة، قد تحصل على إجابة أو موافقة أثناء اجتماعك الأولي بدلاً من الانتظار أيامًا أو أسابيع لاتخاذ القرار.

توافر الوظائف

بالنسبة لأفراد الأسرة، تخلق الشركات العائلية فرص وظائف لأفراد أسرتها ولغيرهم من غير أفراد العائلة سواء كانت هذه الوظائف بدوام كامل أو دوام جزئي، وبالتالي تساهم هذه الشركات في الحد من البطالة.

المعرفة السابقة

إذا نشأت في شركة عائلية، فلابد من اكتسابك المعرفة بالصناعة والنصائح التجارية حتى وإن حصلت على درجة علمية في مجال الأعمال، فقد يضيف ذلك إلى ما تعرفه بالفعل.

 قد تساعدك سنوات المعرفة والخبرة على التفوق في أي وظيفة تُعرض عليك لاحقاً.

الربحية

غالبًا ما تُكَوِن الشركات العائلية منظمات صغيرة يرغب فيها الموظفون والإدارة على حد سواء في رؤيتها ناجحة. 

عادةً ما يكون أحد الأهداف الرئيسية للشركة هو أن تصبح رابحة أو الاستمرار في ذلك الربح، ويؤدي هذا الشغف والمثابرة إلى الأمن الوظيفي لجميع الموظفين.

البيئة المريحة للعمل

يمكن أن تتمتع الشركات العائلية ببيئة أكثر استرخاءً أو راحة من الشركات الكبرى الأخرى. فمن الممكن أن تكون أوقات الوصول والمغادرة أقل صرامة وقد تضمن المزيد من الوقت الخاص لنفسك، قد تمتد هذه الامتيازات إلى طاقم كامل وليس فقط لأولئك المرتبطين بالدم.

تنوع المسؤولية

قد يسمح لك العمل في شركة عائلية بالقيام بمجموعة متنوعة من المهام المختلفة طوال اليوم بدلاً من إكمال نفس المهام مرارًا وتكرارًا، وقد تتمتع أيضًا بالمرونة لتجربة وظائف أخرى غير وظائفك لتحديد ما إذا كانت مناسبة لك.

 قد يكون هذا مفيدًا أيضًا للشركة، لأنه يسمح للمديرين والمالكين بالتعرف على أفضل صفات موظفيهم واستخدامها.

قلة أعداد الموظفين

قد يكون لدى الشركات العائلية عدد موظفين أصغر بالنسبة لأفراد العائلة، فقد تعرف جميع زملائك في العمل جيدًا منذ يومك الأول، بالنسبة للموظفين الخارجيين، قد تقابل الجميع في الشركة في يومك الأول وبمرور الوقت تصبح مثل أحد أفراد العائلة. 

عقلية الفريق

في الشركات العائلية غالبًا ما تنظر العائلات إلى نفسها كوحدة، وتمتد هذه الوحدة إلى جميع الموظفين، حيث يساعد الأشخاص بعضهم البعض ويقدمون تضحيات شخصية لصالح الشركة أو زملائهم في العمل، قد يساعد هذا الشركة ماليًا ويوفر الأمن الوظيفي.

الثقة والأمان

قد يسهل العمل مع عائلتك أو لصالح عائلة معرفة من تثق به، أيضاً التواجد بين الأشخاص الذين يهتمون بك قد يمنحك المزيد من الثقة بالنفس، وقد يمنحك أيضًا الحرية لتجربة أشياء جديدة وارتكاب الأخطاء دون خوف من الفشل أو العقاب.

🔸إقرأ أيضاً: الحفاظ على استمرارية الشركات العائلية عبر الأجيال

أسباب لفشل الشركات العائلية وكيفية تجنبها

قد تساعد العديد من النصائح والاقتراحات في إنشاء شركة مزدهرة واستدامتها لسنوات طويلة. ومع ذلك، تفشل معظم الشركات العائلية الناجحة في الجيل الثاني أو الثالث.

لذا سنتعرف على الأسباب السبعة الرئيسية لفشل الشركات العائلية وكيفية تجنبها:

الخلافات العائلية

الصراع العائلي هو تحدٍ شائع في أي شركة عائلية، وتعتبر هي السبب الرئيسي للخلافات التي تؤدي إلى قرارات تجارية سيئة، ويمكن أن تتحول هذه القرارات السيئة المتراكمة وفشل الأعمال، بسرعة إلى مشكلة كبيرة يمكن أن تعرض العمل للخطر.

الخلافات العائلية أمر لا مفر منه، وعدم فصل مشاعرك الشخصية عن دورك في العمل يمكن أن يعيق ذلك، غالبًا ما تمنع هذه الصراعات الشركة من التقدم بغض النظر عن مدى صغرها أو اتساعها.

أفضل طريقة لمعالجة الخلافات العائلية هي:

 إنشاء إجراء لإدارة وحل النزاعات، من خلال إجراء اجتماعات عائلية يمكن فيها لأفراد الأسرة المختلفين التواصل بشكل موضوعي والتعبير عن مظالمهم والسماح لهم بالتوصل إلى اتفاق بشأن قضاياهم ومخاوفهم.

عدم وجود تخطيط للخلافة ورئاسة الشركة

يعد تخطيط الخلافة عملية حيوية لإعداد المنظمة لاستبدال القادة القدامى “عندما يحين الوقت” سيواصل الأشخاص الأكثر تأهيلاً ما بدأوه.

في كثير من الأحيان، ترفض الشركات المملوكة للعائلة قبول هذه الاستراتيجية خوفًا من تسليم العمل للموظفين والأشخاص الذين ليسوا من أفراد الأسرة المباشرين، تتطلب هذه العملية وقتًا لإعداد شخص ما سيتولى في النهاية مسؤوليات تجارية كبيرة.

لذا إذا كنت تبدأ عملًا عائليًا أو تديره بنجاح لسنوات، فهذا هو أفضل وقت لبدء التخطيط للخلافة، سواء كنت تخطط لتسليم العمل للعائلة فقط أو كنت حريصًا على جلب مديرين من الخارج، فإن وجود خطة خلافة هو أحد الضمانات لبقاء عملك.

القيادة غير المؤهلة

إن ترقية أفراد العائلة غير المؤهلين في العمل أمر خطير يجب معالجته إذا كنت تريد نجاح عملك، وبسبب العلاقات الأسرية، غالبًا ما يتم ترقية أفراد العائلة غير المؤهلين إلى مناصب قيادية رئيسية كمزايا خاصة.

عندما تضع شخصًا غير مناسب للمنصب، فإنك تخاطر بوجود موظفين غير سعداء وساخطين. غالبًا ما يُنظر إليك بعين المحسوبية، ويمكن أن تؤثر بشكل كبير على معنويات الموظفين ورضاهم، مما يؤثر سلبًا على الأداء والإنتاجية.

يكمن الحل في إعداد السياسات لتحديد المؤهلات والتعليم والخبرة اللازمة قبل أن يتمكن أحد أفراد العائلة من شغل منصب أعلى، يضمن القيام بذلك أن يكون الشخص الذي يتولى دور القيادة مجهزًا جيدًا لإدارة العمل.

الأدوار والمسؤوليات غير المحددة

إن الافتقار إلى الهيكل الرسمي والحوكمة يشكل ضرراً وقلقاً في الشركات العائلية، فالأدوار والمسؤوليات غير المحددة تسبب الارتباك وقد تعقد العلاقات الأسرية لأن الوظائف لا يتم توصيلها بشكل مناسب.

إن الحوكمة تساعد الشركات العائلية على تبسيط تدفق الاتصالات والمعلومات لضمان إطلاع جميع أفراد العائلة على ما يجري في العمل.

من خلال عقد اجتماعات ومجالس عائلية متسقة، سيكون جميع الأعضاء جزءاً من عملية صناعة القرار مع ضمان عدم شعور أي فرد من أفراد العائلة بالاستبعاد.

الصراعات بين الأجيال

يمكن أن تؤدي الاختلافات في الرؤى والالتزامات بين الأجيال إلى تخريب نمو الأعمال ونجاحها، تحدث الصراعات بين الأجيال عندما يكون لدى أجيال العائلة المختلفة أولويات وتوقعات متباينة.

إذ يتردد الجيل الأكبر سناً في التخلي عن السيطرة والاستمرار في الإمساك بزمام الأمور على الرغم من تقدمهم في السن واستراتيجيات العمل القديمة من ناحية أخرى، لدى الأجيال الأصغر سناً طرق ووجهات نظر وأفكار متعارضة في القيام بالأشياء.

لكي تنجح الأعمال العائلية، من الضروري إيجاد توازن مثالي بين معرفة متى يجب التخلي وكيفية قبول الأفكار الجديدة والابتكار، اجعل عملك دائمًا على رأس أولوياتك واعمل على إيجاد حل وسط مربح للجانبين.

التردد في طلب المساعدة الخارجية

عادةً ما تحتفظ الشركات العائلية بأسرار عائلية تريد الاحتفاظ بها لنفسها، يمكن أن تكون هذه القضايا الحساسة سببًا وجيهًا لتردد معظم الشركات العائلية في طلب المساعدة الخارجية.

يعتبر المستشارون الموثوق بهم خارج العائلة شركاء قيمين لضمان نجاح الأعمال، فخبراء الأعمال بخلافك أنت وأفراد عائلتك هم أصول وخبرات يمكن أن تقدم لك نصائح تجارية مفيدة لعملك من منظور شخص خارج العائلة.

يعتبر المستشارون القانونيون والماليون الموثوق بهم وسيلة رائعة لضمان امتثالك لجميع المتطلبات التنظيمية لتشغيل عملك، أيضًا يمكن مشاركة خبرتهم عندما يتعلق الأمر بالتخطيط المالي وحوكمة الشركات.

7. الافتقار إلى التعليم المالي والتجاري الأساسي

يمكن أن يؤدي قلة أو عدم وجود فهم للإدارة المالية والتجارية إلى تدمير أي شركة عائلية ناجحة ومزدهرة، فالافتقار إلى التعليم التجاري الأساسي إلى تعريض الشركة لخطر أكبر بالفشل.

فنجد أن الشخص الذي لا يعرف أساسيات إدارة الأموال وإدارة الأعمال يشكل خطرًا كبيرًا على أي مؤسسة، تخيل اتخاذ قرارات تجارية كبيرة دون المعرفة اللازمة للقيام بذلك!.

لذا يجب على الأشخاص في الأدوار القيادية ومناصب الإدارة أن يمتلكوا المعرفة والمهارات المكتسبة من التعليم التجاري وتعلم الأساسيات لتلبية المتطلبات المعقدة للأعمال العائلية.

إليك 7 نصائح في إدارة البزنس العائلي لتحقيق النجاح

         للحفاظ على تراث العائلة، هناك نصائح فعالة في إدارة البزنس العائلي تتشكل في:

الحفاظ على تراث العائلة

اعترف بالتاريخ الغني والقيم التي تم تناقلها عبر عملك العائلي، من خلال مشاركة قصتك الفريدة واستخدمها كدليل لاتخاذ القرارات التي تتماشى مع مبادئك الأساسية.

تعزيز التواصل المفتوح

التواصل هو شريان الحياة لأي عمل عائلي، شجع الحوار المفتوح والصادق بين أفراد الأسرة، وخلق بيئة يشعر فيها الجميع بأنهم مسموعون ومقدرون. 

يمكن أن تكون الاجتماعات العائلية المنتظمة منصة رائعة لمناقشة الأمور المهمة واتخاذ القرارات الجماعية.

تشجيع النمو المهني

استثمر في التطوير المهني لأفراد الأسرة المشاركين في العمل، من خلال توفير فرص للتعليم والتدريب والتوجيه لتعزيز النمو وضمان استفادة العمل من أحدث المعارف والخبرات في الصناعة.

تبني الابتكار

يعد تبني الابتكار مفتاحًا للنجاح الطويل الأجل لأي عمل، ابق على اطلاع بأحدث اتجاهات الصناعة، واستكشف التقنيات الجديدة، وابحث باستمرار عن طرق لتحسين العمليات والخدمات. شجع ثقافة الإبداع والقدرة على التكيف داخل عملك العائلي.

رعاية التوازن الصحي بين العمل والحياة

من المهم إيجاد توازن بين العمل والحياة الشخصية، شجع جميع أفراد الأسرة على تخصيص وقت للعناية الذاتية والترفيه وقضاء وقت ممتع مع أحبائهم. 

بناء فريق قوي

أحط نفسك بفريق قوي من الموظفين من العائلة ومن خارج العائلة الذين يشاركونك قيمك وأخلاقيات العمل ورؤيتك، يمكن للفريق المتنوع أن يجلب وجهات نظر جديدة ومهارات تكميلية إلى الشركة، مما يعزز الأداء العام لعملك العائلي.

الاحتفال بالإنجازات والنجاحات

خصص وقتًا للاحتفال بالإنجازات والنجاحات التي حققتها في عملك العائلي، اعترف بالعمل الجاد والتفاني الذي أوصلك إلى هذا الحد، هذا يعزز الروح المعنوية ويقوي الروابط العائلية ويعمل كتذكير بالفخر والفرح الذي يأتي مع كونك جزءًا من عمل عائلي.

تذكر أن إدارة عمل عائلي والحفاظ على تراث العائلة هي رحلة تتطلب التعلم المستمر والقدرة على التكيف والدعم، آمل أن تساعدك هذه النصائح في إدارة البزنس العائلي والتعامل مع التحديات والفرص الفريدة التي تأتي مع كونك جزءًا من عمل عائلي.

🔶شاهد أيضاً: تحول الشركات العائلية إلى مؤسسات وبناء أجيال من القادة – م.أحمد صبور رئيس مجلس ادارة الأهلي صبور