نظام العمل عن بُعد بدأ بالانتشار بشكلٍ واسع عندما تفشت جائحة كورونا (كوفید-19) في العالم، وكان لذلك تأثير كبير على عالم الأعمال والشركات، فتلك الجائحة كانت سببًا في انھیار العديد من الشركات العملاقة وتأثر مواردها وأسھمھا في السوق مثل: شركة دایملر بنز المالكة لمرسيدس، وتراجع في إيرادات أوبر، وخسائر لعملاق النفط شیفرون، ولأن “مصائب قومٍ عند قومٍ فوائد” فھناك شركات قد حققت أعلى نسبٍ للأرباح في خلال ھذه الفترة مثل: Amazon وNetflix وتطبيق الاجتماعات الشھیر Zoom.

عندما فرضت حكومات الدول حظر التجول على شعوبھا في خلال انتشار كوفید-19 سبب ھذا الحظر ركودًا كبیرًا في عملية الإنتاج لبعض الشركات بسبب عدم حضور الموظفین، مما دفع بعض الشركات إلى المغامرة لتجريب نظام العمل عن بُعد.

لذلك في ھذا المقال من بزنس بالعربي نخبرك بنتائج ھذه المغامرة وأفضل 7 أسباب تثبت أن نظام العمل عن بُعد أفضل للشركات والموظفين.

ما ھو العمل عن بُعد؟

العمل عن بُعد Remote Work ھو أن یمارس الموظف عمله في أي مكان مثل: المنزل أو المقھى أو مساحات العمل أو حتى الحدائق ما عدا مقر العمل ذاته، ویكون ھذا بالاتفاق بین الموظف وصاحب العمل حول كیفیة إتمام العمل عن بُعد، إن كان بشكلٍ مستمر أو تحدید أیامٍ للعمل من داخل مقر العمل والأیام الأخرى عن بُعد.

بعض الشركات تعتمد نظام العمل عن بُعد بشكل كامل وھناك شركات أخرى تعتمد نظام الـعمل الھجین أو ما یُعرف بـ (Hybrid Working Model) وھو أن تعمل مجموعة من الموظفين من مقر العمل والمجموعة الأخرى عن بُعد حسب الجدول المحدد في التبدیل بین المجموعتین على مدار الأسبوع.

تاریخيًّا یعتبر أول من قرر تجربة العمل عن بُعد ھو مھندس من وكالة ناسا یُدعى جاك نیلز، ومع تطور التكنولوجیا وبزوغ عصر الإنترنت أصبح نظام العمل عن بُعد أمرًا شائعًا في الكثیر من الشركات على المستوى العالمي أو حتى المحلي في الدول العربية.

ما ھي أنظمة العمل بُعد؟

بسبب التطور التقني والإنترنت ظهرت العدید من الوظائف التي أصبحت الشركات في حاجة لھا ویمكنھا توظیف أصحابھا من دون حضور الموظف في مقر العمل أو حتى توظيف شخصٍ لأداء مھمةٍ ما خارج حدود الدولة أو القارة، مثل: مجالات صناعة المحتوى وتطوير المواقع وUX/UI والترجمة والمحاسبة وغیرھا الكثير، ولكن ھناك ضوابط یضعھا أصحاب العمل لضمان الجودة والالتزام بأوقات التسليم.

• أولًا: بعض الشركات تتفق مع الموظف العامل عن بُعد بالالتزام بمراجعة الإیمیل الخاص به أو استخدام إحدى تطبيقات إدارة العمل مثل نوشن أو المتابعة بشكل دوري باستخدام تطبیقات المحادثة الخاصة بالعمل مثل جوجل شات.

• ثانيًا: الاتفاق على أیام محددة لعمل اجتماعات مباشرة على تطبیقٍ مثل زوم مع صاحب الشركة أو العمیل أو حتى فریق العمل لمناقشة آخر المستجدات.

• ثالثًا: الالتزام بجدولٍ زمني لتسليم واستلام العمل والمھام من الشركة إلى الموظف أو الموظف والشركة.

• رابعًا: عدم تأخير المھام المطلوبة عن موعدٍ أو یومٍ محدد أو یتم إلغاء التعامل أو خصم من المبلغ المتفق عليه.

• خامسًا: الاتفاق بین الشركة والموظف على طرق الدفع واستلام أجر العمل.

• سادسًا: ھل یتحمل الموظف تكاليف فاتورة الكهرباء والإنترنت الخاصة بأداء ھذا العمل أم أن الشركة تتحمل جمیع التكالیف مثلما فعلت بعض الشركات البریطانیة و الكندية في أثناء جائحة كورونا؟

لماذا نظام العمل عن بُعد أفضل لأصحاب العمل؟

أصحاب الشركات ورواد الأعمال یھتمون كثیرًا بسرعة دوران عجلة الإنتاجية وتحقیق أكبر قدر ممكن من الأرباح والأعمال بجودةٍ عالیة، لذلك یعد نظام العمل عن بُعد أمرًا مفیدًا لھم، فأصبح الكثير منھم ینظر إلى العمل عن بُعد على أنه نظام ذو عائدٍ كبیر وأنه لیس مجرد شخصٍ یمارس عمله من مكان آخر غیر مقر العمل، فهو یوفر الكثیر من التكالیف، لذلك من أھم الأسباب التي جعلت ھذا النظام ناجحًا لأصحاب العمل:

• أولًا: انخفاض تكالیف الشركة:

حینما یقرر صاحب العمل أن یعمل الموظفون من مقر العمل فھذا یعني الكثیر من التكالیف مثل: إیجار مقر العمل وتجھیزه بالمكاتب والكراسي والأثاث العام للمقر إضافةً إلى لوازم التنظيف والمطبخ والمیاه والقھوة والسكر وفاتورة الكهرباء الكبيرة والإنترنت وإیجار مواقف السيارات وغیرھا الكثیر.

نظام العمل عن بُعد یوفر على صاحب العمل كل ھذه الأشیاء لأنه سیكون ملزمًا فقط بأشیاء معینة وبرواتب الموظفين اللذين يعملون بنظام العمل عن بُعد.

• ثانيًا: الحصول على كفاءات متنوعة:

يتيح العمل عن بُعد فرصة تواصل الشركات وأصحاب العمل مع الكثیر من الموظفین ذوي الكفاءات العالیة من خارج بلادھم؛ مما یضیف عناصر قوة لھم بسبب كسر حاجز النطاق الجغرافي.

• ثالثًا: التوازن بین الحیاة والعمل:

أُجریت دراسة على الشركات التي یعمل فیھا موظفون في مقر العمل بدوامٍ كامل من الثامنة صباحًا وحتى الخامسة مساءً، وموظفون آخرون یعملون بنظام العمل عن بُعد بشكل كامل بین موظفین يعملون بنظام الھایبرد، فوجدت الدراسة أنه كلما كان ھناك توازن بین حیاة الموظف العملیة وحیاته الشخصية أو الأسرية كان إنتاجه أفضل وصحته النفسية جیدة بسبب قضائه لوقتٍ أطول وممتع أكثر مع أسرته أو أصدقائه، ھذا التوازن بالطبع یعود على الشركة بالنفع في نھایة الأمر لأن الموظفين في ھذه الحالة یقدمون جودة عالیة من ناحیة الأداء.

• رابعًا: زیادة الإنتاجية:

بعض الموظفین یقضون وقتًا طویلًا في الطریق من أجل الذھاب إلى العمل؛ مما یؤثر على صحتھم الجسدية والنفسية على المدى البعيد، بالإضافة إلى نفقاتھم الكبیرة على تذاكر القطار أو استقلال أوبر أو غیرها من خدمات النقل، حل نظام العمل عن بُعد ھذه المشكلة؛ مما انعكس بشكل إیجابي على الشركة والموظف لأنه الآن یستطیع الاستفادة بھذا الوقت والعمل من المنزل.

• خامسًا: بیئة عمل صحیة:

عندما قررت أبل عودة موظفیھا إلى العمل بعد عامین من تفعیل نظام العمل عن بُعد اعترض 55% من موظفیھا على ھذا القرار وأقروا بأنھم یفكرون في مغادرة الشركة نتیجة لتصمیم أبل على اعتماد نظام العمل التقليدي بشكل كامل من جدید، ومن ضمن الأسباب لعدم رغبة الموظفین للعودة للعمل من المقر ھو عدم رغبتھم في الانخراط في بيئة عملٍ غیر صحیة ملیئة بالمشاكل والحقد، لذلك بدلًا من ذلك یمكنك تفعیل نظام العمل عن بُعد أو نظام العمل الھجین؛ لضمان توفیر بيئة عمل صحیة تناسب الجمیع وتكسر التشتت لدى الموظفين.

لماذا نظام العمل عن بُعد ناجح للموظفين؟

عندما توظف الشركة موظفًا ما نظیر مقابل مادي فإنها بذلك تكون قد اشترت وقته، والكثیر من الموظفین يعلمون ھذا الأمر مما یدفع بعضهم إلى العمل بجودةٍ تتناسب مع أجره أو راتبه، لكن حینما یقرر صاحب العمل تفعیل نظام العمل عن بُعد فقد یحفز الموظف على العمل بشكلٍ أفضل، لذلك دعني أخبرك عن الأسباب التي تجعل العمل عن بُعد ناجحًا لك كموظف.

• أولًا: توفیر الوقت والمال:

یقضي الكثیر من الموظفین أوقاتًا كثیرة في المواصلات بسبب الازدحام أو التأخر في الاستيقاظ والكثير من الوقت في الإفطار مما یزید من النفقة الیومیة على الموظف من أجل الذهاب إلى مقر عمله واستعداده للعمل، بينما یوفر العمل عن بُعد الكثیر من الوقت الذي یمكن للموظف استغلاله في زیادة الإنتاج.

• ثانیًا: زیادة الإنتاج:

ھناك الكثیر من الموظفین یعانون من الإجھاد الجسدي بسبب طریق العمل أو الإجھاد النفسي بسبب ضغوطات العمل النفسية وبیئة العمل غیر الجیدة؛ مما یجعلهم مثقلین طوال الیوم ویحاولون أن ینجزوا مھامھم بأسرع شكلٍ ممكن من دون الاهتمام بجودة العمل من أجل الرحیل في الوقت المحدد أو يقضون وقتًا أطول من المحدد في فترة الاستراحة أو وقتًا طويلًا في مساحة التدخین، وربما یخشى بعض أصحاب العمل من تفعيل نظام العمل عن بُعد ظنًّا منھم أن ھذا النظام سیقلل من إنتاجیة العمل.

لكن وجدت دراسة أن العمل عن بُعد یحسن من الحالة الإنتاجية للموظف بنسبة تتخطى الـ14% في أثناء عمله من مكان آخر غیر مقر العمل، وبسبب العمل في بیئة خالیة من عوامل التشتت والضجيج یؤدي ذلك إلى استمرایة العمل بوتیرةٍ جیدة وبإنتاجية عالیة.

• ثالثًا: تحسين الصحة النفسیة والجسدیة:

بعض السیدات الحوامل یعانين من مشاكل صحیة في أثناء الحمل ناھیك عن مشاكلھن النفسیة في خلال ھذه الفترة وھناك أیضًا الكثیر من الرجال یعانون من مشاكل في فقرات الرقبة والظھر بسبب جلسة المكتب لفترات طويلة؛ مما یقلل من أدائھم الوظیفي، ويكون حينها نظام العمل عن بُعد هو الحل الأمثل لهم لضمان الحفاظ على صحتهم وأیضًا استمراريتهم في العمل.

• رابعًا: ساعات العمل الإضافية:

یتیح العمل عن بُعد فرصة للموظف لقضاء وقت أطول في العمل من أجل استكمال بعض المھام التي قصر في أدائها؛ مما یساعده على إصلاح ھذا التقصير وضمان جودة عمله وأدائه الوظيفي.

نظام العمل عن بُعد فرض نفسه بشكلٍ كبیر في الكثیر من القطاعات والأسواق والوظائف أیضًا، وفتح آفاقًا جديدة لكلٍ من أصحاب العمل والباحثین عن العمل، لذلك یجب على كل رائد أعمال أن ینظر إلى ھذا النظام بشكل جدي لتطویر منظومة العمل.

اقرأ أيضًا : 3 مستويات في فن إدارة المبيعات

شاهد أيضًا: المهارات المطلوبة لرائد الاعمال