“سأرحل من هنا، هذا المكان لم يعد مناسباً لي أبداً”، تلك العبارة وغيرها من عبارات الرحيل تتردد في أروقة أغلب الشركات ومن يرددها هم الأفضل ليس من أجل الحصول على تجربةٍ جديدة أو من أجل الحصول على راتبٍ أعلى أو حتى من أجل ترقيةٍ ومنصبٍ مختلف، كان قرار الرحيل من أجل الحصول على التقدير المعنوي والراحة النفسية فهناك العديد من الموظفين ذوي الكفاءات العالية يرحلون عن مكان عملهم بسبب عدم إحسان مكان العمل لهم.
الاحتفاظ بالموظفين أمرٌ مهم لأي عمل مهما كان حجمه وعلى الرغم من ذلك فإن كبرى الشركات تسقط في حفرة خسارة المواهب وتفشل في وضع استراتيجية ناجحة لإدارتها لذلك في هذا المقال من بزنس بالعربي نناقش معكم أهم الأسباب التي تجعل الشركات تخسر موظفيها الجيدين.
مغادرة أفضل الموظفين وأكثرهم كفاءة مصدر إزعاجٍ كبير للشركات إضافةً إلى أنه مكلف في الوقت وجودة العمل
ونركز جيداً على جودة العمل فالموظف الجيد يصنع جودةً مختلفة عن الموظف العادي لذلك هناك عبارةٌ تتردد في سوق العمل تقول “للسمك أنواعٌ كثيرة ولكن لكل نوعٍ طعمه وثمنه الخاص” لذلك يعتقد بعد المديرين أو أصحاب الأعمال أن الموظف يمكن تعويضه بموظفٍ أخر وهذا صحيح ولكن فعلياً هل يستطيع تعويضه في جودة العمل والمستخرج النهائي؟
وفقاً لمكتب إحصاءات العمل الأمريكي لعام 2021 رصد استقالة حوالي 4 ملايين شخص من وظائفهم خلال شهر يوليو وأضاف 80% من مديري الأقسام إنهم شهدوا زيادة في معدل دوران الموظفين Employee Turnover في عام 2022 أكثر من العام السابق.
اقرأ أيضاً: كيف تنمي مهاراتك؟ | 10 خطوات لتبدأ مشروع ناجح
من هو الموظف الجيد؟
هو الشخص الذي يسعى لتطوير نفسه بشكلٍ مستمر عن طريق تحسين نفسه على المستوى الأخلاقي والمهني والمساهمة بشكل أكبر في الشركة وأخذ جميع الملاحظات التي توجه إليه على محمل الجد مع صدر رحب لتقبل الانتقادات ولا يخشى طرح الأسئلة وطلب المساعدة عند الحاجة.
الخبرة وحدها لا تجعل الموظف جيدًا سواءً للعمل بدوامٍ جزئي أو بدوامٍ كامل لذلك يجب التعرف جيداً على هؤلاء الموظفين من قبل قسم الموارد البشرية وهل يدعمون رؤية وثقافة الشركة أم لا وهل لديهم صفات الموظف الجيد من الأساس.
كيف تخسر الشركات الموظف الجيد؟
يمكن تأسيس شركةٍ بشكلٍ سريع والمحافظة على نموها ولكن الأصعب من ذلك هو الحفاظ على جعل الموظفين الجيدين يستقيلون من مناصبهم ووظائفهم لذلك يجب على الشركات تجنب النقاط التالية:
- أولاً: عدم الاحترام والثقة
أكثر ما يبغضه أي إنسان أن يعامل بعدم الاحترام أو تخوينه وسحب الثقة منه وفي بيئة العمل هذه المشكلة تعد أسوء ما يتعرض له الموظفون وخصوصاً الجيدون منهم حيث أنهم لا يشعرون بالاحترام أو الثقة في العمل من قبل زملائهم أو مدراءهم أو صاحب العمل شخصياً أو تخوينهم واتهامهم بأكاذيب مختلقة، هذه المشاعر السلبية تتراكم مع مرور الوقت مما يؤدي في النهاية إلى حدوث مواجهةٍ حادة بين الموظف والشركة تنتهي باتخاذه قرار مغادرة هذه الشكة بشكلٍ نهائي وعدم التفكير حتى في العودة إليها.
- ثانياً: عدم الاستماع إلى المشاكل الفردية
بعض الشركات الكبرى تعامل الموظف على أنه جزٌ ووحدة من العمل وليس كفردٍ أو إنسان قد يتعرض لبعض المشاكل داخل بيئة العمل لذلك قامت بعض الشركات أيضاً بتعيين ما يسمى مسؤول السعادة أو إنشاء قسم نفسي خاص داخل الشركة من أجل حل مشاكل الموظفين
لذلك من المهم جداً وجود نوعٍ من التواصل الفردي بين الموظف وإدارة الموارد البشرية داخل الشركة بل وأيضاً ان يحظى ببعض الوقت في التواصل مع المدير المباشر حيث أن هذا التواصل يساعد على تجديد روح العزيمة والعمل لدى الموظف وإلا فإن الإحباطات ستتراكم لدى جميع الأفراد وقد تتفاقم هذه المشاعر مسببةً استقالة جماعية.
- ثالثاً: أجورٌ منخفضة أقل من السوق
تنص قوانين العمل لجميع البلاد على دفع الحد الأدنى أو الأعلى القانوني للموظفين ويعتقد بعض أصحاب العمل على مفاوضة الموظف على راتبٍ أقل هو نوع من أنواع الذكاء والتوفير ولكن الحقيقة عكس ذلك فهذا لن يجلب لك سوى المبتدئين أو أصحاب الخبرة المنخفضة فقط لأن الموظف الجيد يعلم جيداً سعر السوق وسعر نفسه وبسبب هذا الاعتقاد الخاطئ فإن الأجور المنخفضة هي سبب آخر لاستقالة الموظفين الجيدين وفي بعض الأحيان تدهور الأوضاع الاقتصادية يجعل الموظف الجيد يبحث بأي شكل عن فرصةٍ جديدة في مكان آخر براتبٍ أعلى وخسارة موظفين جيدين وتوظيف موظفين جدد أكثر تكلفة من إعطاء شخصٍ ما زيادة في الراتب قد يستحقها.
- رابعاً: سوء القيادة
يعتبر الموظف الجيد وجود رئيسٍ غير فعال أو مهني هو الكابوس الأسوء له داخل أي مكان قد يعمل فيه لأن الافتقار إلى إدارة قوية وكوادر مهنية على علمٍ ودراية عالية بأقسام العمل والتعامل المهني مع جميع الموظفين بكافة مستوياتهم وعقلياتهم أكثر الأسباب السائدة لترك الموظف هذا المكان، كثير من الموظفين الجيدين تركوا وظائفهم بسبب سوء المدير ففي بعض الأحيان يكون متسلطاً ومتغطرساً بل ويتدخل في أمور العمل بشكلٍ غير منطقي غير مناسبٍ لآلية تنفيذ هذا العمل في الأساس لذلك إذا أردت أن تخسر موظفاً أو حتى فريقاً جيداً قم بتعيين مدير سيء.
- خامساً: عدم العزلة والانخراط
الإنسان كائن اجتماعي بطبعه لذلك يمل أغلب الموظفين الذي يشعرون بأنهم منخرطون في مكان عملهم إلى البقاء داخل هذا المكان ولكن العكس صحيح تماماً الموظفون الذين لا يشعرون بأنهم مقبولين أو منفصلين لأي سبب ما عن المنظمة يشعرون برغبتهم المستمرة والمتزايدة مع مرور الوقت في الرحيل عن هذا المكان وهنا يمكن أن ننوه بأن مؤسسة Gallup جالوب قامت بنشر استطلاع عام 2021 تشير نتائجه إلى أن قلة الترابط بين الموظفين تجعل الموظفين يقومون بالحد الأدنى المطلوب ويقومون بترك هذه الوظيفة للحصول على عرض أفضل قليلاً.
- سادساً: سياسة العمل الصارمة
بعد الشركات تعتقد بأنها تستعبد الموظفين ولديها كامل الحق في استدعائه وقت ما تشاء والعديد من السياسات الأخرى الغير إنسانية وهذا الأمر سبب أخر وشائع استقالة الموظفين الجيدين وخصوصاً مع المهن التي يمكن للموظف أن يقوم بدوره عن بعد وعدم وجود تقديرٍ لمشاكل الموظف أيضاً فهناك بعض الشركات التي تنص لائحتها الداخلية على قوانين صارمة تزيد العبء النفسي على الموظف.
- سابعاً: انعدام فرص التطور والنمو
يحب الموظف الجيد أن يتطور ويرتقى بمهاراته المهنية بشكلٍ مستمر لذلك من الصعب جداً أن يبقى الموظف ذو المهارات الجيدة داخل نفس بيئة العمل الغير متطورة لفترة طويلة من الزمن فإذا أردت أن تقتل موهبة جيدة اجعلها تقوم بنفس الوظيفة لسنوات دون أي فرصة للنمو والتغيير وهذا سيدفع الموظف الجيد على البحث بأي شكلٍ من الأشكال على فرصةٍ في مكانٍ أخر يطور من نفسه حتى ولو على حساب الراتب فأغلب الموظفين يسعون إلى التعلم والتقدم.
الموظف الجيد أحد الأساسات التي تقوم بها الشركات الكبيرة فبدونه وبدون إبداعه لن يتطور العمل ويتقدم حتى ولو عوض بغيره فبعض الموظفين الجيدين يمتلكون إمكانيات وخبرات عالية تجعلهم الأفضل في مجالهم لذلك الحفاظ على الموظف الجيد أمرً يجب على كل الشركات وضع إستراتيجيات فعالة للحفاظ عليهم.
شاهد أيضاً: أهم المشاكل الادراية تقع فيها الشركات والمديرون