قبعات التفكير الست ودورها في تحليل الأعمال وكيف يستفيد منها المسوقين وصناع المحتوى؟
التفكير كلمةٌ نسمعها ونرددها كثيراً ويختلف معناها حسب سياق الحديث وموقعها في الجُمل ولكن هل تساءلت يوماً ما هو التفكير؟، التفكير هو عمليةٌ بيولوجية مستمرة تحدث كل لحظةٍ في حياة الإنسان أثناء يقظته وتشمل جميع المهام الإدراكية والحسابية وتذكر الماضي أو معايشة الحاضر.
نستخدم أدمغتنا بوعي لفهم العالم من حولنا وتحديد كيفية الاستجابة والتفاعل معه وهذا جزءٌ من العملية المعرفية ومن ناحيةٍ عصبيةٍ علميه التفكير هو عبارةٌ عن سلاسل من الاتصالات الشبكية في المخ هذا الاتصال يولد نشاط التفكير.
تختلف جودة التفكير من إنسانٍ إلى أخر بالإضافة لاختلاف أنماط التفكير بين جميع البشر لذلك في هذا المقال من بزنس بالعربي نناقش معكم أنماط التفكير الست أو كما تُعرف في عالم الأعمال والتسويق بقبعات التفكير الست.
قبعات التفكير الست Six Thinking Hats ليس عنوناً عابراً بل هو عنوان واحدٍ من أفضل الكتب التي ناقشت معنى التفكير وأنماطه وكيف يمكن لشخصٍ واحد أن يجمع جميع الأنماط في نفس الوقت، نُشر هذا الكتاب لأول مرة عام 1985 على يد المؤلف الراحل Dr. Edward de Bono
في البداية لنطرح سؤالاً ما هو أسلوبك الحسي والفكري في اتخاذ القرار؟ هل أنت شخصٌ منطقي تحب التدقيق والحسابات ودراسة الامر من جميع الجوانب، أم أنك شخصٌ دائم التشاؤم والسلبيةُ تجرفك أغلب الأوقات أم أنك عكس هذا وتحب التفكير الإيجابي والتفاؤل بكل شيء؟ من أنت من هؤلاء؟
الحقيقة هي أنك لن تستطيع معرفة أي نوعٍ أنت منهم بدون استكشاف متاهات عقلك وأنماط تفكيرك الخاص، فإن أفضل القرارات عادة ما تأتي بعد استكشاف عدة طرق لعرض المشكلة.
” نحن ما نفكر فيه، كل ما نحن عليه ينشأ من أفكارنا، بأفكارنا نصنع العالم” (بوذا)
ماهي قبعات التفكير الست؟
قبعات التفكير الست هي منهجٌ فكري صممه الطبيب النفسي وعالم النفس إدوارد دي بونو حيث كان يستخدمه في تقديم الاستشارات للوكالات الحكومية، لكنه كان يرى بأن هذا المنهج يصلح ليكون أداةً ذهنيةً لحل المُشكلات اليومية التي يقع فيها الناس لذلك قرر تأليف كتاب قبعات التفكير الست لفهم واستكشاف أنواعٍ مختلفة من أنماط التفكير.
عبر بونو بأسلوبه في كتاب Six Thinking Hats عن الأنماط الست للتفكير عن تفكير الأشخاص في حياتهم اليومية عن طريق القبعات الست الملونة فكل لونٍ منهم يرمز إلى نمطٍ معين هذه القبعات هي:
شاهد ايضاً : الاستثمار والعقارات والتداول كما يعرفه الخبراء
- القبعة البيضاء
- القبعة الحمراء
- القبعة السوداء
- القبعة الصفراء
- القبعة الخضراء
- القبعة الزرقاء
أولاً: القبعة البيضاء – الواقع والإحصائيات
نمط تفكير أصحاب القبعة البيضاء يعتمد كثيراً على الحقائق والواقع المَاثل أمامهم وهم أصحاب دقةٍ عاليةٍ في البحث والتقصي عن المعلومات والثغرات التي قد تكون مهمةً ومرتبطةً بالهدف الذي يفكرون فيه.
لذلك يمكننا القول بأن صاحب القبعة البيضاء محققٌ ومفكر تحليلي للبيانات والإحصائيات المحيطة به ويستخدمها لبناء القرار النهائي تجاه الأمر الذي يفكر به ورغم كل هذا إلا أنه يحافظ على الحيادية أثناء الحاجة إلى الحكم على القرارات المتعددة أمامه وعدم التحيز إلى قرارٍ أو فكرٍ معين.
أصحاب القبعة البيضاء يمكن أن يكونوا منافسين أقوياء لأصحاب القبعات الزرقاء إن توافرت فيهم بعض الصفات المهمة.
ثانياً: القبعة الحمراء – العاطفة والمشاعر الجياشة
أصحاب تلك القبعة غالباً من السيدات والآنسات بسبب مشاعرهم العاطفية وكون النساء على المستوى النفسي هم أكثر عاطفةً من الرجال ولكن هذا لا يعني أنه ليس هُناك رجالاٌ يمكن تصنيفهم ضمن نمط تفكير القبعة الحمراء فهذه القبعة تمثل المشاعر والغرائز والعواطف والتعبير عنها دون الحاجة إلى تبريرها منطقيًا.
القبعة الحمراء نمط تفكيرٍ عاطفي أي أنها عكس القبعة البيضاء التي تعتمد على الحيادية والمنطق في كل شيء.
ثالثاً: القبعة السوداء – الحذر والتشاؤم
النمط الأسود كما يُطلق عليه وغالباً ما يرمز اللون الأسود للعديد من الأشياء وتختلف رمزية اللون من ثقافةٍ إلى أخرى لكن هنا ترمز القبعة السوداء إلى أصحاب التفكير النقدي السلبي أو النقد الهادم الذي يعتمد على التركيز على عيوب الأمور ونقاط ضعفها ومحاولة إقناع الأطراف الأخرى بأن الصواب الوحيد هنا هو رأي أصحاب هذه القبعة.
دعني أفاجئك وأخبرك بأن هذا النمط هو الأقوى بين الأنماط الست بشرط استخدامه بشكلٍ صحيح، سبب قوته أنه حذرٌ للغاية لكن الحذر الشديد من شيءٍ ما يجعلك تتراجع عن القرار مما يؤثر سلباً على أسلوب تفكيرك إلى نواحي تشاؤمية لذلك لا يجب الإفراط في استخدام هذا النمط من التفكير إلا لنظر على نقاط الضعف وثغرات الفشل بشكلٍ أعمق للاستفادة به لاحقاً.
القبعة البيضاء لديها القدرة على ايقاف هاجس التشاؤم المفرط والحذر لدى القبعة السوداء بل وتحويل الانتقادات إلى نقاط قوةٍ يمكن استغلالها.
رابعاً: القبعة الصفراء – الإيجابية والمميزات
مفكروا القبعة الصفراء ينظرون إلى الأمور بأكبر قدر ممكن من الإيجابية وإبراز الفوائد والقيمة المضافة والمزايا المتنوعة في أي أمرٍ من الأمور، يساعد أصحاب نمط التفاؤل على نشر روح الإيجابية والبهجة على من حولهم وأيضاً الرفع من الروح المعنوية في الأوقات الصعبة وعلى المستوى العملي يبحثون عن أفضل النتائج الإيجابية التي تخدم مصالح فكرهم، لكن من عيوب أصحاب هذه القبعة أنهم متفائلون بشكلٍ مبالغٍ فيه يجعلهم لا ينظرون إلى بقية الجوانب من الأمر.
تُشكل القبعة الصفراء مع القبعة السوداء توليفةً قويةً جداً أثناء حل المشكلة والأزمات لأن كل واحدٍ منهم يُحاول إبراز أفضل النقاط من وجهة نظره وتفكيره فأصحاب النمط الأصفر يحاولون إبراز الفوائد والمزايا وأصحاب النمط الأسود يحاولون إبراز النقاط السلبية والضعيفة في هذا الأمر مما يساعد صاحب القبعة البيضاء على التحليل بشكلٍ أوسع وأعمق.
خامساً: القبعة الخضراء – الجاذبية والإبداع
البذرة الصغيرة تستمر بالنمو حتى تصبح نبتةً خضراء مثمرةً قد تراها في إحدى الحدائق، هكذا هم أصحاب القبعة الخضراء أو أصحاب النمط الإبداعي في التفكير العميق أو المختلف عن الجميع فهم مستكشفوا مجموعة من الأفكار المتميزة والطرق المختلفة عن الجميع، أصحاب النمط الأخضر يمثلون حجر الأساس في جلسة التفكير أو العصف الذهني ودائماً ما يحملون على عاتقهم مسؤولية توليد الأفكار الجديدة والمبتكرة ويُنظر إليهم على أنهم المفتاح السحري في المواقف الحرجة أو الأفكار التي تحتاج إلى تطوير جذري.
تتميز القبعة الخضراء بأنها تستطيع تحول نقد القبعة السوداء إلى افكارٍ إبداعيةٍ بالإضافة إلى الجانب الإيجابي لدى القبعة الصفراء بالإضافة إلى الجانب العاطفي لدى القبعة الحمراء وصياغة هذه الأفكار بشكلٍ فعالٍ تستفيد منها القبعة البيضاء.
سادساً: القبعة الزرقاء – القبطان صاحب القرار
قبعة القيادة أصحاب هذا النمط من التفكير هم بالفعل القادة ويمتلكون القدرة على إدارة عملية صنع القرار، لذلك اختار بونو اللون الأزرق لأن أغلب الأشياء الزرقاء تدل على القوة والشمولية مثل السماء والبحار والمحيطات بالإضافة إلى أنه يرمز لقوة الحكم في بعض الثقافات القديمة.
القبعة الزرقاء لديها القدرة على إدارة جميع القبعات الأخرى وتنظيم التفاعل بينهم بشكلٍ متساويٍ واستغلال النقاط الإيجابية في كل قبعة وتحويل نقاطها السلبية إلى نقاط استفادة هذه القبعة تتميز بالتناسق وحُسن الإدارة بالإضافة لكون صاحبها يستطيع أن يكون حاملاً أيضاً للخمس أنماط الأخرى.
أكثر فئة يمكن أن تستخدم أداة بونو للتفكير أو قبعات التفكير الست هم رواد الأعمال والعاملين في مجال التسويق حيث أن رائد الأعمال يعتبر صاحب القبعة الزرقاء الذي يستطيع إدارة باقي القبعات بالإضافة إلى مدير التسويق فهو بالتأكيد يدير فريقاً مكوناً من قبعةٍ بيضاء و قبعةٍ صفراء و قبعة خضراء وقبعةٍ سوداء وقبعة حمراء، لذلك يمكن استخدام إستراتيجية القبعات الست في تحليل أنفسنا و الجمهور و الموظفين بشكلٍ فعال ولطيف.
شاركونا في بزنس بالعربي أراءكم حول فعالية أداة إدوارد بونو القبعات الست للتفكير هل ستفكرون في استخدامها أم لا؟
أقرأ ايضاً : 6 قواعد للتخلص من ضعف الثقة في النفس
