ماتريكس أيزنهاور يعكس أهمية الوقت باعتباره المورد الأكثر قيمة، حتى أنه يفوق المال في أهميته. وكما قيل: “الوقت مثل البحر، إن لم تبحر فيه بسفينة مصنوعة بدقة وعلم وجودة، فلا تظن أنك ستصل لوجهتك بل ستغرق وصولاً إلى القاع.” في عالمنا المزدحم اليوم، نجد أنفسنا غارقين في مهام عديدة ومتنوعة، مما يجعل من الصعب تحديد الأولويات ومعرفة نقطة البداية. أن تكون مشغولاً لا يعني بالضرورة أن تكون منتجًا، فقد تقضي ساعات طويلة في العمل دون أن تقترب من تحقيق أهدافك طويلة المدى.
في هذا المقال من “بزنس بالعربي”، نسلط الضوء على واحدة من أهم استراتيجيات وأدوات إدارة الوقت وتصنيف الأولويات بشكل احترافي وفعّال: مصفوفة أيزنهاور (Eisenhower Matrix). تُستخدم هذه الأداة المميزة لتمييز المهام العاجلة عن المهمة، مع التركيز على استثمار الوقت والطاقة في الأمور ذات الأولوية القصوى.
ما هي مصفوفة أيزنهاور؟
ماتريكس أيزنهاور هي أداة أو إطار عمل للإنتاجية وتحديد الأولويات وإدارة المهام. تساعدك هذه الأداة في تنظيم المهام وتحديد أولوياتها حسب الحاجة الملحة والعاجلة ذات الأهمية القصوى، من خلال تقسيمها إلى أربعة أرباع تُوزع فيها المهام التي يجب التركيز عليها أولاً والتي يجب تفويضها أو حذفها.
هذه الأداة البسيطة تم تطويرها وتحسينها من قِبل ستيفن كوفي، مؤلف الكتاب الشهير “The 7 Habits of Highly Effective People”، حيث اقتبس فكرتها من خطابٍ ألقاه دوايت أيزنهاور، الرئيس الرابع والثلاثون للولايات المتحدة الأمريكية وأحد جنرالات الحرب العالمية الثانية، في عام 1954، حيث قال: “لدي نوعان من المشاكل: العاجلة والمهمة، وما هو عاجل وليس مهمًا، والأهم ليس عاجلاً أبدًا”. يُقال في بعض المراجع إن هذه المقولة تعود لأحد رؤساء الجامعات الذي لم يُذكر اسمه.
استخدم ستيفن كوفي هذه المقولة لتطوير أداة إدارة المهام الشائعة الآن والمعروفة باسم “Eisenhower Matrix-ماتريكس أيزنهاور”، وتعرف أيضاً بأسماء أخرى مثل “the time management matrix” أو “Eisenhower Box” أو “the urgent-important matrix”. هذه الأداة تساعدك على إدارة مهامك عن طريق تقسيمها لفئاتٍ معينة.
عناصر مصفوفة أيزنهاور
كما قلنا سابقاً، فإن أداة أيزنهاور تساعدك في تقسيم مهامك إلى أربع فئات: المهام التي ستنفذها أولاً، والمهام التي ستجدولها لاحقًا، والمهام التي ستفوضها، والمهام التي ستحذفها. لكن دعني أشرح لك أكثر كيفية استخدامها.
تستخدم أداة Eisenhower Matrix شبكة 2 × 2 لترتيب المهام على خاصيتين رئيسيتين هما:
- أهمية المهمة.
- عجلة (الاستعجال) المهمة.
لذلك، عندما نقوم بفرز المهام داخل جدول أو ماتريكس أيزنهاور وتصنيفها إلى أربع مجموعات تسمى الأرباع، تكون على النحو التالي:
- الربع الأول: مهام عاجلة ومهمة (The 1st quadrant – important urgent tasks).
- الربع الثاني: مهام مهمة وغير عاجلة (The 2nd quadrant – important non-urgent tasks).
- الربع الثالث: مهام عاجلة وغير مهمة (The 3rd quadrant – unimportant urgent tasks).
- الربع الرابع: مهام غير مهمة وغير عاجلة (The 4th quadrant – unimportant non-urgent tasks).
قد تعتقد لوهلة أن الأمر بسيط جداً، فكل ما عليك فعله هو توزيع المهام على هذه الأرباع من وجهة نظرك، ولكن في كثير من الأحيان قد يختلط عليك التمييز بين المهام وإلى أي ربعٍ يجب أن تُصنف. بالإضافة إلى ذلك، تختلف الأولويات من شخص لآخر؛ فقد يرى أحدهم أن الأولوية الأولى هي العمل، بينما يرى آخر أن الأولوية لصحته النفسية والأسرية. لذلك، دعني أتعمق معك أكثر في شرح ماتريكس أيزنهاور:
الربع الأول: مهام عاجلة ومهمة (افعل أولاً)
في هذا الربع، تقوم بوضع المهام الضرورية لنجاح الهدف الرئيسي، والتي تتسم بضرورة تنفيذها في غضون وقت محدد أو فترة زمنية قصيرة ولا تتقبل التأجيل. أي أن مهام الربع الأول لا يمكن بأي شكل أن تُرحل إلى وقت لاحق إلا للضرورة القصوى الخارجة عن إرادتك الشخصية. أيضاً، هذه المهام لا يمكن لأحد أن يتحمل مسؤوليتها سواك، أو أنها لا يمكن تفويضها إلى وكلاء خارجيين، ويجب إكمالها من قبلك أنت.
أقرأ أيضاً : ماهو نموذج سوات التحليلي وكيف يمكن استخدامه؟ ModelSWOT Analysis
الربع الثاني: مهام مهمة وغير عاجلة (الجدولة)
هنا تضع المهام الضرورية لنجاح الهدف أو المهمة الرئيسية، مثل مهام الربع الأول، ولكن الفرق هو الفترة الزمنية. لا يلزم تنفيذها في فترة محددة، أي هناك متسع من الوقت لتنفيذها. على الرغم من ذلك، لا يمكن تفويضها، بل يجب عليك فعلها بنفسك بدون ضغوطات، كونها مهمة وغير عاجلة. يمكنك جدولتها للمستقبل حيث ستتحول إلى مهام عاجلة.
الربع الثالث: مهام عاجلة وغير مهمة (التفويض)
هذا الربع غالبًا ما نعطيه الأولوية رغم أنه غير حاسم لنجاح الهدف الرئيسي مثل الربع الأول والثاني. يجب تنفيذ المهام خلال وقت قصير، لكن ليس بالضرورة أن تقوم بها بنفسك. يمكن تفويضها لشخص آخر لتجنب إهدار وقتك ومواردك.
الربع الرابع: مهام غير مهمة وغير عاجلة (الإلغاء)
هذا الربع هو الأكثر إهدارًا للوقت. مهامه ليست حاسمة لنجاح الهدف ولا تحتاج للتنفيذ في وقت معين. يمكن تفويضها لأي شخص آخر نيابة عنك.
متى تستخدم مصفوفة أيزنهاور؟
- عندما تستهلك وقتًا طويلاً في العمل أو الدراسة بدون تحقيق نتيجة.
- عندما تبذل جهدًا كبيرًا دون تأثير واضح.
- عندما تمتلك أهدافًا طويلة المدى بدون تصنيف واضح للوقت المطلوب.
- عندما تجد صعوبة في تحديد ما يمكن تفويضه.
- عندما تستنفذ وقتًا طويلاً في مهام التفويض أو الإلغاء.
ربع التوازن
يرى ستيفن كوفي أن الربع الثاني (مهام مهمة وغير عاجلة) هو الميزان الذي يحافظ على توازن الثلاثة أرباع الأخرى. يزيد من الوقت الذي تقضيه في تصنيف مهامك بشكل أوضح، وهو المكان الذي يلتقي فيه النمو الشخصي والمهني مع التخطيط والعمل. عليك أن تسأل نفسك:
- هل كان هذا عاجلًا بالنسبة لي؟
- هل كان هذا مهمًا بالنسبة لي؟
تذكر دائمًا أن تصنف مهامك بما يتناسب مع حياتك وأهدافك.
مزايا مصفوفة أيزنهاور
- تساعدك على التفكير في أهمية مهامك.
- توزيع أفضل لأولوياتك.
- إعادة تقييم ما هو عاجل وما هو غير عاجل.
- تعلم التحليل الذاتي.
- تحسين اتخاذ القرارات.
- التفريق بين المهام المهمة والعادية.
عيوب مصفوفة أيزنهاور
- تصنيف المهام بناء على الإلحاح والأهمية فقط بدون النظر إلى الجهد المبذول.
- ترك المهام القصيرة والتركيز على الكبيرة.
- غير مناسب للجدول اليومي، بل على المدى المتوسط والبعيد.
- الشعور بالتشتت إذا زادت المهام عن خمسة في كل ربع.
في نهاية المقال، الوقت هو من أهم الموارد. ينصح خبراء الإنتاجية بتعلم كيفية إدارة أولوياتك ومواردك. بدلاً من محاولة حشر المهام في يوم واحد، أعط الأولوية للمهام التي تعمل على تحسين الذات، ومقياس أيزنهاور سيساعدك على ذلك.
شاهد أيضاً : كيف تدير وقتك و تكون أكثر إنتاجية؟ بودكاست بزنس بالعربي