شهدت السنوات الأخيرة اعترافاً متزايداً بضرورة تعزيز مفهوم الإبداع creativity والتفكير الإبداعي Creative thinking في جميع القطاعات التعليمية أو العملية و المهنية، تم إدراج التفكير الإبداعي ضمن مجموعة ما تسمى بـمهارات القرن الحادي والعشرين وفي حين أن أهمية التفكير الإبداعي أصبحت الآن مقبولة على نطاق واسع إلا أن الكثير من الناس ورؤساء الأعمال لا يعرفون جيداً ما هو مفهوم التفكير الإبداعي عملياً وحتى أكاديمياً لا يزال هناك عدم اتفاق بشأن تعريف التفكير الإبداعي وبالتالي ، لا يوجد إطار معتمد عالميًا لتوجيه التدريس والتقييم أو بمعنى أخر التفكير الإبداعي مهارة ليس لها مقاييس محددة كون الإبداع يميل إلى إشراك مجموعة هجينة من المهارات.
في هذا المقال من بزنس بالعربى نتعرف سويا على التفكير الإبداعي ومهارات التفكير الإبداعي المطلوبة وأهميتها داخل منظومة العمل وأيضاً في الحياة الخارجية وكيف يمكن تقوية مهارة الإبداع.
ما هو التفكير الإبداعي؟
التفكير الإبداعي مهارة قد يولد بها الإنسان بشكلٍ طبيعي أو يمكنه أن يكتسبها عن طريق العمل والاجتهاد وتبدو مهارة الإبداع عند بعض الأشخاص قوةٍ عظمى تميزه عماً حوله من الناس ولأن هذه المهارة قد تكون طبيعة أو مكتسبة فلحسن الحظ ليس العباقرة فقط هم من يمتلكون هذه القوة العظمى.
الإبداع عليماً هو عملية إنتاج أو تكوين شيء جديد تماماً أو إعادة ترميم شيء قديم وتقديمه بشكلٍ جديد غير مألوف و القدرة على التعامل مع الأشياء المألوفة بأسلوبٍ غير مألوف إضافةً إلى الخروج من الصندوق التقليدي نحو الإبداع المختلف.
والتفكير الإبداعي في مجال العمل هو استخدام القدرات والمهارات الشخصية على التفكير في شيء ما بطريقة جديدة خارج الصندوق و ابتكار طرق جديدة لتنفيذ المهام وحل المشكلات ومواجهة التحديات من منظور جديد وأحيانًا غير تقليدي والاستفادة من أنماطٍ مختلفة من التفكير وفحص المعلومات من وجهات نظرٍ مختلفة لرؤية أنماط جديدة.
يعتقد البعض أن مهارة الإبداع مقتصرة فقط على أصحاب المهن الفنية أو المصممين أو الكتاب أو حتى المسوقين وصناع المحتوى ولكن هذا الأمر غير صحيح، التفكير الإبداعي هو مهارة يمكن لأي شخص رعايتها وتطويرها حتى أولئك الأشخاص الذين ولدوا بهذه المهارة لأن أي مهارة تحتاج الرعاية وصقلها من أجل نموها.
أهمية التفكير الإبداعي
يرى العديد من قادة الأعمال أن الإبداع والابتكار شيء لا يمكن التنبؤ به حيث أبلغت 53٪ من الشركات أن الابتكار يحدث بالصدفة ومع ذلك و باستخدام الأدوات المناسبة يمكنك الاستفادة من التفكير الإبداعي حينما يحتاج الشخص إليه، إضافةً إلى أن الإبداع هو المهارة الأكثر رواجًا في عام 2020 لذا فإن تعزيز مهاراتك الإبداعية يمكن أن يميزك في العمل أيضًا.
تكمن أهمية التفكير الإبداعي في أنه ليس رفاهيةً كما يعتقد البعض وأيضاً ومجدداً هو ليس حكراً على فئةٍ معينة من الناس إنما هو مرتبطٍ بشكلٍ أكثر بمدى قدرة الشخص على الاجتهاد في تطوير هذه الملكة، هناك حاجة إلى التفكير الإبداعي والمفكرين المبدعين داخل جميع أقسام وقطاعات الشركات والأعمال لأنهم يستطيعون إيجاد حلولٍ للعديد من المشاكل التي يمكن أن تواجه العمل بل وأيضاً حلها بطريقة تفكيرٍ خارج النمط التقليدي للتفكير وهذا يساعد أيضاً في تشجيع قبول وجهات النظر الأخرى و الانفتاح على فكرة الحلول الجديدة.
الان دعني أختصر عليك الكثير من الوقت وأخبرك بأهم ثلاث أسباب تجعل التفكير الإبداعي مهماً للشركات.
- أولاً: التفكير الإبداعي يوفر حرية هائلة
إذا أردت أن تحطم شخصاً ما فحجم قدراته الإبداعية، إن الرؤساء الذي يرسمون إطاراً واضحاً للعمل ويتركون الموظف يقوم بأداء مهمته بأسلوبه الخاص هم الأكثر استفادة من أولئك الرؤساء الذين يعتقدون أن طريقتهم في التنفيذ والعمل هي الصحيحة، عندما نبتكر يكون لدينا الفرصة للتفاعل مع العالم دون الحكم على أنفسنا هل نحن جيدون أم لا بل إلى أي مدى يمكننا أن نخرج عن حدود المألوف.
- نصيحة بالعربي: قم بوضع إطارٍ واضح لعملك ودع الموظفين يبدعون في التنفيذ داخل هذا الإطار و إشرافك من بعيد.
- ثانياً: التفكير الإبداعي يوفر الوعي الذاتي
عندما نفكر بشكلٍ إبداعي فنحن لا نفكر وفق خطةٍ عملية أو منهجية أو حتى أكاديمية أو كما قال الكتاب فقط بل نستخدم جميع حواسنا وقدراتنا و أفكارنا ومشاعرنا ومعتقداتنا، هذه الحالة من التفكير تخلق وعياً ذهنياً واسع الأفق يمكننا من التعرف على أنفسنا بشكلٍ أعمق مما يساعد على التفكير بشكل أكبر في المهمة المُراد تنفيذها.
- ثالثاً: التفكير الإبداعي ينمي الثقة
ربما أفكارنا لا قيمة لها ولا تسمن أو تغني من جوع وربما غداً وايضاً بعد غد ولكن الحقيقة الوحيدة أن التفكير مهارة وأسلوب يتطور بمرور الوقت والإبداع رؤية وخيال ينمو كل يوم ولكن من خلال تعلم التفكير الإبداعي يمكننا بناء ثقتنا في أفكارنا والبدء في المساهمة داخل عملية صناعة الأفكار لذلك بعد غد نصبح أكثر ثقةً في أنفسنا وأكثر مساهمة في عملنا.
- “في التفكير الإبداعي ليس مشكلة أن تكون على خطأ و أنت في طريقك إلى الحل لأنه قد يكون من الضروري أن تمر فـي منطقة خطأ كي تصل إلى موقف يمكنك رؤية الممر الصحيح من خلاله“ Edward de Bono
أقرأ المزيد: أنماط التفكير| قبعات التفكير الست وهل يستخدمها المسوقين؟
أنواع وتقنيات التفكير الإبداعي
كلمة التفكير الإبداعي creative thinking كلمة بها الكثير من التفاصيل فالأمر ليس مجرد الجلوس والتفكير بل يبدا الأمر حينما نفتح آفاق ذهننا للاستجابة لتغيير وجهة النظر المعتادة فتعلم أساليب جديدة ومختلفة تساعد في عملية توليد الأفكار ولكل نوعٍ أو أسلوب مهمته الخاصة.
Divergent thinking- التفكير المتشعب
convergent thinking- التفكير المتقارب
Inspirational thinking- التفكير الملهم
lateral thinking- التفكير الجانبي
Aesthetic thinking- التفكير الجمالي
- Divergent thinking – التفكير الإبداعي المتشعب
يشبه جلسة العصف الذهني التقليدية حيث تتوصل إلى أكبر عدد ممكن من الحلول التي يسمح بها خيالك، أو بمعنى أبسط هو ان تقوم بتفريغ جميع ما في رأسك قبل العمل عليه أو من أجل تطويره، يمكن أن يكون هذا النوع مفيداً جدًا في المشكلات الصغيرة أو واسعة النطاق التي تتطلب حلاً مبتكرًا والهدف منه هو تكوين مجموعةٍ من الناس وإلقاء الأفكار دون تدخل.
- convergent thinking – التفكير الإبداعي المتقارب (التحليل)
يقصد به التفكير التحليلي والتفكير بمنطقية أي أنه قبل التفكير بشكل خيالي وإبداعي عليك أولاً أن تكون قادرًا على فهم هذا الشيء الذي تفكر فيه وهذا يتطلب مهارات تحليلية و القدرة على فحص الأشياء بعناية لمعرفة ما تعنيه سواء كانت مجموعةً من البيانات أو الخطط أو الرسوم البيانية أو النصوص يجب أن تكون قادرًا على تحليلها أولاً و كثيرًا ما تُستخدم هذا النوع لاستحضار حلول إبداعية جديدة.
- Inspirational thinking – التفكير الإبداعي الملهم
أن تكون ملهماً لنفسك ومتفتح الذهن Open minded مرحلة مهمة في التفكير وفي هذا النوع أو التقنية ضع خلف ظهرك أي تفكيرٍ يعتمد على المنطق والتحليل بل أو أي افتراضات أو تحيزات قد تكون لديك وانظر إلى الشيء بنظرةٍ مختلفةٍ تماماً و تخيل أفضل السيناريوهات لإيجاد طريقة جديدة لحل مشكلة ما من خلال مواجهة مشكلة بعقل متفتح لذلك كان اينشتاين يقول “الخيال أهم من المعرفة“.
- lateral thinking – التفكير الإبداعي الجانبي
هل تعرف المثل الذي يقول لا تنظر فقط إلى الأسماك البعيدة لأنك لن ترى السمكة التي أسفل قدميك؟، هذا هو التفكير الجانبي في بعض الأحيان لا تكون الإجابة على المشكلة أمامها بل تكون بجانبها، يعتمد التفكير الجانبي على ترك الأفكار تتدفق في صيغة خطوة بخطوة لأنه ينطوي على البحث في المجالات وخطوط التفكير الأقل وضوحًا وأيضاً النظر إلى الفكرة أو المشكلة من عدة جوانب.
فعلى سبيل المثال شركتك تمتلك منتجاً ما جيداً لكن المبيعات ليست جيدة الحل المباشر هنا هو تغيير المنتج أو التوقف عن بيعه وإنتاجه في حين أن التفكير الإبداعي الجانبي قد يصل بفكرك الى مسارٍ بديل مثل تطوير فريق خدمة العملاء أو وضع إستراتيجية تسويقية أكثر فاعلية أو طرح المزيد من الإعلانات والعروض الترويجية، هذا النوع مهم جداً لأنه أهم جانب في العملية الإبداعية وهو الذهاب إلى الجهة التي لا تختار في المعتاد الذهاب إليها.
- Aesthetic thinking – التفكير الإبداعي الجمالي
لن يقدر الناس فكرتك أو حلك الإبداعي إلا إذا قمت بتوصيلها بشكل فعال لذلك يجب أن تمتلك مهارات اتصال كتابية وشفوية قوية لأن التفكير الجمالي يركز على إعادة صياغة المشكلة لمعرفة جمالها وقيمتها.
اقرأ أيضاً: كيف تدير التغيير ؟ how to manage change
مهارات التفكير الإبداعي
إلى جانب أنواع وتقنيات التفكير الإبداعي السابقة لا زال هناك العديد من المهارات التي ستحتاج إلى تطويرها من أجل للاستمتاع بمزايا التقنيات من أشهرها:
- مهارات التواصل الجيدة.
- مهارات التنظيم ( التنظيم هو جزء أساسي من الإبداع).
- رسم الخرائط الذهنية لربط الأفكار.
- الكتابة الإبداعية.
- الاستماع والإصغاء.
- القيادة.
- الثقة بالنفس.
لازال للحديث بقية وللإبداع لقاءٌ أخر ولكن قد يتطلب التفكير بشكل أكثر إبداعًا جهدًا لكن القليل من الممارسة يمكن أن تقدم الكثير يوماً بعد يوم، لذلك سنتعرف في مقالٍ أخر عن كيفية جعل عملية التفكير الخاصة بك أكثر إبداعًا والعديد من الأسرار الأخرى من بزنس بالعربي.
شاهد: الاختلاف في طريقه التفكير بين بداية البزنس ومرحله النمو