الأجور الضعيفة لها تأثير سلبي على الموظف الذي هو أحد أهم ركائز نجاح الشركات أو المؤسسات، لذلك لا يمكن التغاضي بأي شكل من الأشكال عن عدم احترام وتقدير الكوادر البشرية التي تعمل داخل المؤسسة، وضرورة تقديم أفضل مستوى من أنظمة العمل الإنسانية لهم، والتي يمكن أن تسهم في تحسين الحالة النفسية للموظفين، مما ينعكس بالإيجاب على جودة العمل ونجاحه بشكل ملحوظ بل وملوس أيضًا.

🔶استمع إلى حلقتنا الجديدة:

 في هذا المقال الجديد من بزنس بالعربي نريد أن نتحدث ونلفت الانتباه إلى نوع مختلف من المشاكل التي تؤثر على الموظف، ولكنها تؤثر بشكل أكبر على العمل. دعونا نطرح سؤالًا مهمًّا يوضح المشكلة: كيف تؤثر الأجور الضعيفة للموظفين على جودة العمل داخل المؤسسات أو الشركات مهما كان حجمها ومجالها؟

لسوء الحظ فإن الأجور الضعيفة للموظفين أمر شائع في أي صناعة في أي بلد عربي أو أجنبي، صحيح أن هناك ما يسمى بالحد الأدنى للأجور ورواتب الموظفين، ولكن معظم المؤسسات أو الشركات لا تلتزم بهذه الأمور بشكل موضوعي وخصوصًا إذا كان المتقدمون جددًا في عالم الشركات أو حديثي التخرج، فقد يقبل بعض منهم العمل بأجر ضعيف في البداية من أجل الحصول على الخبرة أو تحسين السيرة الذاتية.

لكن مع الوقت يشعر بعض الموظفين بأنهم يقومون بمجهود كبير وضخم مقارنة بالأجر الذي يتقاضونه آخر الشهر؛ مما يجعلهم يشعرون بنوع من أنواع اليأس أو الخمول أو قلة العزيمة تجاه بذل المجهود في العمل، وخصوصًا إذا بادر أحد الموظفين بتواصله مع الإدارة لإعادة النظر الأجر لأنه أقل من المجهود المبذول، عندما يحدث ذلك تكون هناك عواقب قد تؤثر على الأعمال والقوى العاملة داخل المؤسسة.

🔶اقرأ أيضًا: تأثير المشاكل المادية على الموظفين و5 طرق للتقليل من دوران الموظفين داخل الشركة

أسباب الأجور الضعيفة للموظفين

يحدث هذا للعديد من الأسباب التي قد تختلف من مكان إلى آخر ومن صناعة إلى أخرى، وربما من أبرز هذه الأسباب ما يلي:

1. عدم معرفة صاحب العمل بمتوسط الرواتب للوظيفة أو بمعنى آخر جهل الإدارة بسعر الوظيفة في السوق.
2. استغلال حاجة الفرد إلى الوظيفة أو أنه حديث التخرج.
3. تخفيض سقف الرواتب بسبب الديون التي على المؤسسة.
4. سعي قسم التوظيف إلى استقطاب الكوادر المهنية بأقل أجر.

تأثير الأجور الضعيفة على جودة وأداء العمل

في البداية ماذا نعني بانخفاض أداء الموظفين؟ بكل بساطة هذا المصطلح يعني ضعف الأداء المهني أو الوظيفي للموظفين في أداء الأعمال المسنودة إليهم أو المسؤولة منهم، فلا يقومون بها بشكل جيد وعلى أكمل وجه، وقد يتطور الأمر إلى الفشل التام في أداء المهمة، مما يكلف الإدارة وقتًا لمعرفة سبب هذا الخلل والبحث عن حل لهذا المشكلة وتقليل آثارها.

إذًا ما الذي قد تسببه مشكلة الحالة المالية الضعيفة للموظف على المؤسسات أو الشركات ونموها؟

• أولًا: ارتفاع معدل دوران الموظفين:

ليس سرًّا أن الموظفين يتركون المؤسسات بحثًا عن وظائف جديدة أو نفس الوظائف برواتب أعلى ومزايا أفضل، وتلعب المكافآت والرواتب دورًا رئيسيًّا في الحفاظ على تحفيز الموظفين وولائهم تجاه شركتهم، ووفقًا لمسح أو دارسة أجرته شركة فليكس جوبز، فإن 2202 موظف أي ما يمثل 59٪ من الموظفين الذين شملهم الاستطلاع أو المسح يقولون إن حصولهم على راتب أو أجر منخفض هو أحد العوامل الرئيسية التي دفعتهم إلى ترك وظائفهم والبحث عن أماكن أخرى تسمح لهم بدفع تكاليف أسلوب حياتهم ونفقاتهم، حتى لو كانوا يستمتعون بواجباتهم الحالية في وضع منخفض الأجر.

من المهم جدًّا على أصحاب العمل متابعة الأخبار والتحديثات التي تحدث في سوق العمل، خاصةً ما يتعلق بالأمور الفنية والمادية وحالة الصناعة وقوانين الحد الأدنى للأجور التي تحكم أدوارًا وظيفية معينة، بالإضافة إلى تطوير اللوائح الداخلية للشركة وتقديم عروض وظيفية تنافس الشركات الأخرى وتناسب جميع الأطراف؛ مما يجعلهم سعداء وراضين في أدوارهم.

• ثانيًا: ثقافة الشركة السيئة:

نظراً للمشكلة السابقة وهي ارتفاع معدل دوران الموظفين، فبعض الشركات التي تعاني من هذا الأمر تتأثر سلبيًّا بمشكلة تعدد وتغير الثقافات بشكل كبير، وهذا نظرًا للعدد الكبير من الموظفين الذين ينتقلون من وإلى المؤسسة ومناصبها، لذلك لا يكون هناك تفاعل كافٍ بين الموظفين مع بعضهم بعضًا بسبب تغيرهم بشكل مستمر، وهذا يؤدي بشكل طبيعي إلى تغير العقلية والثقافة، مما يضيع وقتًا وجهودًا كبيرة في خلق توافق فكري ونمطي للموظفين.

هذه المشكلة أيضًا تنعكس نفسيًّا بشكل سلبي على الموظفين الصغار أو حديثي التخرج، فبعضهم قد يشعر بقلة الأمان أو الارتياح، ولذلك تأثير كبير على الروح المعنوية، حيث يجعلهم ذلك يشعرون بأنهم غير مرغوب فيهم ومعزولون.

• ثالثًا: سمعة سيئة للعلامة التجارية:

تلعب سمعة الشركة دورًا مهمًّا في نجاح المؤسسة بشكل خاص أو الأعمال بشكل عام، حيث إن هذه السمعة تسهم في بناء الثقة والولاء لكل من العملاء والموظفين، ومع تطور وسائل التواصل الاجتماعي وخصوصًا المنصات المختصة بالتوظيف (مثل لينكد إن) يمكن أن تسهم هذه المنصات في تحسين ودعم سمعة العلامة التجارية للشركة أو الهجوم عليها.

لذلك حينما تتميز الشركة بسمعتها في إعطاء الموظفين أجورًا مجزية وعادلة فهذا الأمر سيحسن من سمعتها، في حين أن الأخبار التي تفيد بأن الشركة تدفع لموظفيها أجورًا منخفضة يمكن أن تجعل من عملية التوظيف أمرًا صعبًا، وهذا قد يجعل الباحثين عن عمل يرفضون أي إعلان أو فرصة تظهر لهم لهذه العلامة التجارية أو الشركة بسبب هذا الأمر، ناهيك عن أن هذه السمعة قد تؤثر سلبًا لدرجة فقدان العملاء الثقة في الشركة ومنتجاتها وخدماتها.

• رابعًا: انخفاض الروح المعنوية:

من المتوقع جدًّا أن تنخفض الروح المعنوية للفريق أو الموظفين بسبب معدل الدوران وتغير ثقافة الشركة المستمر مع انخفاض سمعتها في السوق. هذه المعنويات المنخفضة لا يمكن أبدًا أن تكون شيئًا يدعو إلى الصمت عن هذه المشاكل، حيث إن فقد الموظفين لروحهم المعنوية والدافع للقيام بأشغالهم ومهامهم في أفضل صورةٍ وشكلٍ لائق يؤثر بالضرورة على نجاح أهداف الشركة.

لا يمكن للموظف أن يركز في عمله ما دام يشعر بالقلق المحيط به، وهذه المشاكل بشكل كبير هي من أكثر الأسباب التي قد تدفع أي موظف إلى القلق والخوف من الغد، بل وسعيه للقفز من هذا المركب إلى آخر أكثر أمانًا، يوفر له ما يحتاجه من راحة نفسية وأمان مادي يليق بمجهوده.

• خامسًا: الأداء الكارثي:

كما ذكرنا سابقًا، تؤثر الأجور الضعيفة للموظفين على معنويات القوى العاملة، ونتيجة لذلك ينخفض أداء الموظفين بشكل ملحوظ قد يصل إلى انخفاض كارثي في الأداء، وعندما تكون قيمة الموظفين غير معروفة ويقل دافعهم للعمل من البديهي أن ينخفض أدائهم وتنخفض الإنتاجية بسرعة كبيرة وتتأثر جودة الإنتاج أيضًا؛ مما قد يدفع الموظفين إلى البحث عن فرص أخرى، ويجعل العملاء غير الراضين يبحثون عن مكان آخر لتلبية حاجاتهم من المنتجات والخدمات.

• سادسًا: الولاء المنخفض:

ما المتوقع بعد الآثار الخمسة السابقة؟ هذا هو المتوقع، انخفاض في الولاء الوظيفي للموظفين تجاه الشركة التي يعملون فيها، فعندما يتقاضى الموظفون أجورًا منخفضة يشعرون بأن إدارة الشركة أو صاحب العمل أو المعنيين بالأمر بشكل عام لا يتمتعون بأي نوع من الاهتمام بهم، بل ويشعرون بفقد الثقة في الشركة فيبحثون عن مكان آخر للعمل.

عندما يفقد الموظفون ولاءهم وثقتهم في شركتهم بسبب قلة التقدير سيشعر الموظفون بأن مصالحهم الخاصة لا تُؤخذ في الاعتبار في أثناء التغييرات والقرارات المهمة التي تتخذها الإدارة، وسيبدأون في الانسحاب تدريجيًّا؛ مما سيقلل من ولائهم ويزيد من معدل دوران الشركة.

• سابعًا: خسارة المواهب والكفاءات العالية:

الشركات التي لا ترغب في دفع رواتب معقولة لموظفيها تخاطر بفقدان فرصة جذب وتوظيف أفضل المواهب التي ستساعد في تحسين أعمالهم. يبحث الباحثون عن عمل أو أدوار وظيفية من شأنها أن تساعدهم في تحسين معارفهم ومهاراتهم في تخصصهم المختار، ولكنها ستدفع راتبًا كبيرًا مقابل جهودهم وعملهم، حتى إذا تمكنت الشركة من تقديم الدور الوظيفي الذي يبحث عنه الباحث عن عمل، فمن المحتمل أن يذهبوا إلى صاحب عمل آخر إذا كان الراتب لا يلبي الحد الأدنى من توقعاتهم.

الخلاصة من بزنس بالعربي

قد يكون من المغري للشركات دفع الأجور الضعيفة لموظفيها من أجل توفير المال على المدى الطويل، ولكن هذا يمكن أن يضر أصحاب العمل أكثر مما ينفعهم، فأفضل طريقة يمكن لقادة الموارد البشرية اتباعها في هذا الأمر هي التحقق من القوانين المحلية بشأن الحد الأدنى للأجور، والبحث في سوق الصناعة بشأن دفع أجور كافية للموظفين، وتوفير أجور عادلة للقوى العاملة. بهذه الطريقة ستستمر الشركة في الحفاظ على قدراتها التنافسية في مواجهة الباحثين عن عمل، وستستمر في تلبية احتياجات ومتطلبات القوى العاملة الحالية، وستزيد من نجاح المؤسسة.

🔶شاهد أيضًا: أشهر أخطاء الإدارة في الشركات وكيفية علاجها – إبراهيم سليمان CEO لشركة INTEGROMED