الصحة النفسية في العمل توجه الشركات العالمية التي تحتاج إلى العديد من العوامل التي تساعدها على النمو وتحقيق أقصى أنواع الإنجاز والتميز في مجالها، مثل وجود تمويلٍ جيد وإدارةٍ قوية على درايةٍ كاملةٍ بتخصصاتها، وأيضًا موظفين مدربين جيدًا على إتقان عملهم بشكل فعال، هؤلاء الموظفون مع الإدارة الجيدة يشكلون مُركبًا فريدًا يكون سببًا في رفع روحهم المعنوية داخل بيئة العمل وأحيانًا أيضًا خارجها.
العمل جزءٌ أساسي وضروري في حياة أي فردٍ منا، ففي هذا المكان نقضي أكثر من 8 ساعات مُعظم أيام الأسبوع ونتعرف فيه على زملاء جُدد، لكن على الرغم من ضرورته فإنه يجب علينا أن نفهم أننا نعمل لكي نعيش حياتنا ولسنا نحيا من أجل أن نعمل فقط، والعمل عبادةٌ جعل الله لها ثوابًا عظيمًا، لكن ماذا لو كان هذا العمل سببًا في تعاستنا وسوء صحتنا الجسدية والنفسية؟!
في هذا المقال من بزنس بالعربي نناقش معكم أهمية الصحة النفسية داخل بيئة العمل، وأهم 4 عوامل مؤثرة على الصحة النفسية للموظفين في العمل.
ما هي الصحة النفسية داخل مكان العمل؟
تشير الصحة النفسية في مكان العمل إلى الرفاهية النفسية والعاطفية والاجتماعية للموظفين في بيئة عملٍ مشتركة، حيث يحترم الموظفون ذو الصحة النفسية السليمة أنفسهم والآخرين، ويبنون علاقات إيجابية مع زملاء العمل، ويتعاملون مع التحديات والمسؤوليات اليومية التي ينطوي عليها مكان العمل بشكل جيد.
تحتل الصحة النفسية في مكان العمل اهتمامًا كبيرًا من الجميع هذه الأيام، بينما يتغير فهمنا للصحة العقلية في العمل ومدى انتشار الصحة العقلية السيئة والنفوس الصعبة في بيئة العمل، لذلك علينا أن نطرح سؤالًا مهمًّا هو:
لماذا يجب على المُدراء ومسؤولي الموارد البشرية الاهتمام بالصحة النفسية والعقلية في مكان العمل؟
أهمية الصحة النفسية داخل بيئة العمل:
- الاهتمام بالصحة النفسية داخل بيئة العمل يتيح للأفراد القدرة على مواجهة التحديات المتنوعة وتجاوز النكسات داخل هذه المنظومة، بالإضافة إلى أن الاهتمام بالصحة النفسية يعزز من قدرات الموظفين؛ مما يعني إنتاجًا أعلى وأفضل من الأوقات العادية.
- أيضًا التوعية بأهمية الصحة النفسية داخل الشركة تولد نوعًا من الإيجابية في أذهان فريق العمل، والمحافظة على الرشاقة الذهنية لديهم عند تغير الأدوار والمسؤوليات؛ مما يُحفز كل موظفٍ على الالتزام بدوره بشكل جيد مع وجود قدرة على إدارة التوتر.
- مناقشة أهمية الصحة النفسية داخل بيئة العمل للموظفين من قِبل المُدراء أو مسؤولي الموارد البشرية تفتح مجالًا لثقة الموظفين على جميع المستويات، والتواصل بشكل مفتوح من دون تمييز أو شعور بأن الإدارة لا تقدر قيمتهم كبشر؛ وهذا يساعد على المحافظة على الكوادر الموهوبة في المكان.
- تعامل الإدارة مع المشاكل النفسية لموظفيها بشكل احترافي يساعدها على تجاوز العديد من العقبات التي قد تهدد أسلوب وجودة العمل في المنظمة، كما حدث مع العديد من الشركات الأمريكية التي كان يعاني 18.3٪ وأكثر من موظفيها من مشاكل صحية عقلية مثل: التوتر والصداع والقلق الناتج عن الإرهاق بسبب العمل، بالإضافة إلى تداعيات مالية أخرى كلفت بعض الشركات العديد من المليارات كل عام بسبب تعرض الموظفين إلى أمراض نفسية مثل: الاكتئاب والاكتئاب الحاد نتيجة ضغط العمل.
العوامل التي تؤثر سلبًا على الصحة النفسية في العمل:
- أولًا: الوضع المكاني للعمل:
بعض الشركات لا تلقي أي اهتمامٍ لمكان العمل الخاص بالموظفين وتوفير الأشياء التي تساعدهم على العمل بنفسية عالية، والمقصود بالوضع المكاني الذي يؤثر بالإيجاب أو السلب على الموظفين هو المكان الذي يعمل منه الموظفون مدة الدوام، خاصة مع فترات العمل الطويلة والضغوطات المستمرة، وقد لا تظهر المشاكل النفسية السلبية على الموظفين الجُدد بسبب عدم بقائهم في مكان العمل لوقت طويل، لذلك هناك أشياء ينبغي على أصحاب الأعمال توفيرها في بيئة العمل الخاصة بالموظفين بما يتناسب مع طبيعة عملهم ومن أهمها:
- الأثاث المريح.
- ألوان الجدران يفضل أن تكون مبهجة.
- العبارات التحفيزية على الجدران.
- الإضاءة البيضاء.
- النظافة المستمرة للمكان والحمامات.
- ثانيًا: سوء التواصل بين الموظفين والإدارة:
مهارات التواصل السيئة قد تكون سببًا كافيًا لانهيار كل شيء وخلق مشاكل متعددة بين الموظفين والإدارة، وهذا الخلل أيضًا يسبب فقدان الثقة بين جميع الأطراف وضعف قدرة الفريق على التعاون، فمهارة التواصل الجيد شيء أساسي في الوقت الحالي لقبول الموظفين، حتى أصبحت بعض الشركات لا تقبل أشخاصًا متمكنين من تخصصاتهم فنيًّا بسبب ضعف مهارات التواصل لديهم، لأن ضعف مهارات التواصل سينعكس بالسلب عليهم وعلى بيئة العمل المحيطة وباقي الموظفين، لذلك على كل إدارات الموارد البشرية الاهتمام بالآتي:
- تطوير مهارات التواصل بين الإداريين والموظفين.
- وضع حدود في النقاش عند الاختلاف في وجهات النظر.
- محاسبة أي موظف ينتج عنه سوء في التواصل مع زملائه.
- تطوير مهارات التواصل الكتابي.
- عدم وجود أي عصبة أو مجموعات (الشلة) خارج إطار العمل.
اقرأ أيضًا: كيف تتجنب الانهيار وقت الأزمات وتصل إلى النجاح؟ 11 نصيحة من كريم مصطفى
- ثالثًا: ضغوطات العمل المستمرة:
الضغط جزء طبيعي من حياة الموظف، ولكن إذا بدأ بالخروج عن الحدود المعقولة فإنه سيتحول إلى سبب رئيسي في سوء الحالة النفسية، وستترتب عليه آثار معنوية سيئة وأيضًا إنتاجية منخفضة في العمل؛ مما يتسبب في ارتفاع معدل الغياب والتأخير في الحضور أو إنجاز المهام المطلوبة، لذلك تترتب على الشركة مسؤولية تجاه الصحة النفسية وسلامة موظفيها، وينبغي عليها التعامل مع ضغط العمل لدى الموظفين وفق الآتي:
- تحديد مصادر الضغط وإيجاد حل لها.
- هل المشكلة في العمل أم في أحد المُدراء؟
- هل يوجد عدل في تقسيم مسؤوليات العمل؟
- التشجيع المستمر في أثناء الضغوطات القهرية.
- عدد المناوبات وساعات العمل.
- عدم تكليف الموظف بمهام إجبارية تفوق قدراته.
- عدم تشغيل الموظف عن بُعد بعد انتهاء ساعات عمله.
- رابعًا: انعدام الأمان الوظيفي:
جائحة كورونا COVID-19 أثرت بشكل سلبي على الاقتصادات العالمية والتوظيف، ففي عام 2020 تم تسريح أكثر من 8 ملايين موظف بسبب تفشي المرض وفرض القيود المرتبطة بالحركة ضمن تدابير الحماية، لكن ما سببه الفيروس من دمارٍ آخر هو ارتفاع حالات القلق والاكتئاب لدى الموظفين بسبب قلقهم من أنهم سيصبحون بدون عمل في أي لحظة، مما سيؤثر على قدرتهم على ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، ودفع فواتير منازلهم، ورعاية عائلاتهم على نحو جيد.
لذلك يعد الأمان الوظيفي لدى الموظف واحد من أهم الأشياء التي يبحث عنها الموظفون الآن قبل قبولهم العمل في أي مكان.
حلول يمكن لإدارات الموارد البشرية فعلها لتحسين الصحة النفسية في مكان العمل:
يمكن تحسين الحالة النفسية والمزاجية من قِبل الجانب الإداري للشركة عن طريق الحلول الآتية:
- تشجيع الموظفين: يشعر الموظفون الذين يتمتعون بالحرية بتقدير أكبر ومن المرجح أن يجدوا معنى في عملهم.
- النقاش المفتوح حول الصحة النفسية: يعاني العديد من الموظفين من الإجهاد أو القلق أو ظروف أخرى، لكنهم يشعرون بأنهم الوحيدون الذين يعانون من هذه المشكلات، فمن المهم تذكير الموظفين بأن هذه مشاعر طبيعية وأن على الجميع التعامل معها.
- خلق بيئة عمل هادئة ومرحة: يمكن لإدارات الموارد البشرية توفير مساحات أو وقت للترفيه أو زيادة المساحات الخضراء داخل أرجاء المكتب، أو اقتطاع مناطق صغيرة من المكتب لتكون مغلقة وهادئة للموظفين الذي يحتاجون إلى الراحة قليلًا.
دائماً ما يتم الترويج إلى أن المجالات المهنية تحتاج إلى أشخاص مؤمنين بأهدافهم وأن التعب والإرهاق العالي في خلال الرحلة شيء طبيعي، ولكن جميع البشر ليسوا سواسية ولكلٍ منهم قدرات خاصة ومستوى معين من التحمل، مما يعني اختلافًا في طبيعة النفس والمشاعر؛ لذلك يجب على جميع المؤسسات أن تضع الصحة النفسية والعقلية للموظفين أولويةً من أولوياتهم، فالموظفون هم عامل الأساس لنجاح أي مشروع.
شاهد أيضًا: الضغوط النفسية في بداية البزنس وكيف تتغلب عليها مع محمد ناجي