في الآونة الأخيرة أصبح الاتجاه نحو بناء علامة تجارية للشركة أمرًا لا يستهان به، فبناء العلامة التجارية والاهتمام بها أو ما يُطلق عليه باللغة الإنجليزية Branding  له الكثير من الفوائد التي تعود على الشركة وصورتها في أذهان الجمهور بالإيجاب، كما أنه يؤثر في امتلاك المزيد من الحصص داخل السوق في وسط الكثير من المنافسين، وفي هذا المقال سنتحدث عن معنى بناء علامة تجارية وأهميتها وعلاقتها بالتسويق وريادة الأعمال.

ما المقصود ببناء العلامة التجارية؟

بناء العلامة التجارية له تعريفات كثيرة مثل أن بناء العلامة التجارية عملية مستمرة من البحث والتطوير وتطبيق ميزة أو أكثر من مميزات الشركة لجعل الجمهور يربط بين منتجات الشركة أو خدماتها والشركة نفسها وتمييزها بين المنافسين.

بمعنى أن بناء العلامة التجارية يعني زيادة وعي الجمهور بالشركة من خلال كل شيء له علاقة بالشركة مثل: الشعار والألوان المستخدمة في الإعلانات وطريقة التغليف وتقديم المنتجات وصوت العلامة التجارية وطبيعة إعلانات الشركة، وهذا كله يكون ناتجًا عن رؤية واضحة وأهداف محددة للشركة تُروى للجمهور عن طريق القصة، وتحويل كيان الشركة الجامد إلى شخصية تبني علاقة جيدة مع جمهورها المستهدف، وتجعل الجمهور يشعر بالقيمة حين يشتري منتجًا من منتجات الشركة لشعوره بكونه يشارك الشركة في تحقيق أهدافها وأنه جزء من قصتها التي تبقى طويلًا.

أهمية بناء العلامة التجارية للشركات:

بناء العلامة التجارية مفيد ومهم للأشخاص وللشركات معًا، ولكن تطبيق استراتيجية لبناء العلامة التجارية للأشخاص يختلف عن الشركات، وكذلك القيمة العائدة على الشخص مختلفة عن الشركة وإن تشابهت في بعض الأمور، فتحويل العمل التجاري من مجرد شركة إلى هوية وشخصية للشركة أمر يستحق الوقت والمجهود المبذولين لتحقيقه، وبناء علامة تجارية للشركة له منافع عديدة، سنعرض هنا جزءًا من أهمية بناء العلامة التجارية للشركات:

• مفتاح التعرف على الشركة:

كما نتعرف على أي شخص من وجهه أو صوته، كذلك تقدم العلامة التجارية لجمهورها مفتاحًا للتعرف على الشركة بمجرد رؤية شعار الشركة سواء الشعار المرسوم Logo أو الشعار المكتوب Slogan، وهذا لا يعني أن العلامة التجارية مجرد الشعار ولكن الشعار جزء من العلامة التجارية، كذلك الألوان التي تستخدمها الشركة وطريقة التغليف… إلخ، فكل تلك الأمور تندرج تحت العلامة التجارية للشركة.  

• الثقة والمصداقية:

الجمهور يثق بشكل أكبر في العلامات التجارية الراسخة في السوق والتي يعرفها منذ زمن، فالشركة التي تؤسس علامة تجارية وتحافظ عليها وتقوم بتطويرها مع مرور الوقت تحافظ على عملائها وتكسب ولاءهم بشكل أكبر من الشركات التي لا تهتم ببناء علامة تجارية لها.

• مواجهة المنافسين:

الشركات التي لها علامات تجارية موثوقة ولها سمعة جيدة في السوق تكسب المزيد من العملاء؛ مما يجعلها تحافظ على حصتها التسويقية في السوق، بل ومن الممكن أن تضم حصص المنافسين لها وتستقطع جزءًا من جمهور المنافسين وتجعله من عملائها.

• سرعة تذكر العملاء لمنتجاتك:

تعمل العلامة التجارية على جعل منتجات أو خدمات الشركة غير قابلة للنسيان بسهولة، وتجعل أعمالك باقية في ذاكرة الجمهور لوقت أطول؛ مما يجعل العملاء قادرين على تمييز منتجاتك من بين منتجات المنافسين، سواء داخل المحلات التجارية أو من خلال الإعلانات.

• التأثير في القرارات الشرائية:

وجدت دراسة Razorfish في عام 2021 أن 82% ممن شملهم استطلاع الرأي يشترون من شركات لها علامة تجارية قوية وتؤمن بأهداف ورؤى قيمة، و62% منهم يشعرون أن تلك المنتجات تضيف قيمة لحياتهم وتجعلهم أشخاصًا أفضل، فلا تستهن أبدًا بقوة وأهمية بناء العلامة التجارية لشركتك.

• تعزيز الجهود التسويقية:

التسويق في ضوء بناء العلامة التجارية يأتي بعائد أكبر للشركة، لأنه يتم توجيه كل ما تريد الشركة للجمهور معرفته وتربطه بالعلامة التجارية من خلال الإعلانات والدعاية للشركة وباقي عناصر التسويق الأخرى.

• زيادة ولاء الموظفين:

بناء علامة تجارية بشكل ناجح لا يجعل شركتك تكسب عملاء جددًا وتزيد من ولائهم للشركة فحسب، بل أيضًا تجعل لدى الموظفين داخل الشركة ولاءً أكبر وشعورًا بالانتماء تجاه الشركة والفخر بأنهم من ضمن عائلة العلامة التجارية الناجحة في السوق.

اقرأ أيضًا: 8 أسرار لبناء فریق عمل ناجح وفعال لمشروعك

ما علاقة بناء العلامة التجارية بالتسويق؟

تعريف التسويق:

ولكن أولًا لنتعرف على معنى التسويق، والتسويق مثله مثل العلوم النظرية له الكثير من التعريفات المختلفة، ولكن حسب موقع HubSpot: “يشير التسويق إلى أي إجراءات تتخذها الشركة لجذب الجمهور إلى منتجات الشركة أو خدماتها من خلال رسائل عالية الجودة، ويهدف التسويق إلى تقديم قيمة قائمة بذاتها للعملاء المحتملين والمستهلكين من خلال المحتوى، بهدف طويل الأجل يتمثل في إظهار قيمة المنتج، وتعزيز الولاء للعلامة التجارية، وزيادة المبيعات في النهاية”.

وبعد كل هذا الحديث نأتي لمربط الفرس وهو: ما هي علاقة بناء العلامة التجارية بالتسويق؟

من الممكن أن يجمع البعض بين العلامة التجارية والتسويق ولكنهما مجالان مختلفان، وتكمن علاقة العلامة التجارية بالتسويق في كون التسويق يعتبر الأداة التي تُستخدم من أجل تحقيق وتنفيذ علامة تجارية ناجحة، فالعلامة التجارية هي عبارة عن هوية الشركة، والتسويق يشمل التكنيك والاستراتيجيات التي تنقل هذه الرؤية وتنفذها على أرض الواقع، فمن ضمن أهداف التسويق حسب التعريف السابق تعزيز الولاء للعلامة التجارية، ففي النهاية بناء العلامة التجارية والتسويق يعملان معًا.

ريادة الأعمال:

تحدثنا في مقال سابق عن ريادة الأعمال بشيء من الاستفاضة، ولكن سنذكر هنا بشكل سريع ما هي ريادة الأعمال.

تعريف ريادة الأعمال:

ريادة الأعمال هي إنشاء مشاريع جديدة أو تطوير مشاريع قائمة بالفعل بأفكار جديدة ومبتكرة تهدف إلى الربح، ولها رؤى مختلفة عن الأعمال التجارية المعتادة، وتعمل على بناء مجتمع يتبنى تلك الفكرة الجديدة ويكونون عملاء لهذه الشركة بسبب إيمانهم بالفكرة الجديدة والمبتكرة ابتداءً.

ولكي تنفذ تلك الأهداف وتعمل على خلق مساحة لها في السوق، عليك أن تبني للشركة علامة تجارية بشكل ناجح وجيد ليستطيع الجمهور التعرف عليها وتمييزها داخل السوق، فالعلامة التجارية تجعل الجمهور يشعر بالانتماء أكثر نحو الشركة ومنتجاتها أو خدماتها بسبب معرفته بقصة الشركة وبدايتها، وشعوره بأن الشركة تشاركه أهدافها ورؤيتها والقيم التي تتبناها، وينتج عن هذا شعور الجمهور بأن تلك الشركة لها شخصية تتحدث معهم وتخلق معهم علاقة، وكما وضحنا سابقًا أن هذا يحدث من خلال التسويق والاستراتيجيات المختلفة لبناء علامة تجارية للشركة.  

ومن الأمثلة التي طبقت تلك النظرية بشكل واضح هي شركة “إستبرق” للملابس، فقد قام صاحب الشركة المهندس حازم الصديق بصنع مجتمع يشعر بالانتماء تجاه شركة “إستبرق” وأهدافها والقيم التي تتبناها، حتى إن بعض العملاء إذا وجدوا شخصًا لا يعرفونه يرتدي قطعة ملابس من شركة “إستبرق” أيضًا يتبادلون معه الابتسامات ومن الممكن أن يتعرفوا على بعضهم بعضًا.

وفي الختام نود القول إنه كلما مر الوقت تغير شكل المنافسة والسوق؛ مما يجعل أصحاب الشركات يبحثون عما يميزهم بين المنافسين حتى يحصلوا على قدر أكبر من العملاء أو على أقل تقدير يحافظوا على حصتهم التسويقية داخل السوق وعلى معدل أرباح يضمن وجودهم داخل السوق، فكما كانت قديمًا الشركات القادرة على الإعلان في الجرائد تكسب عددًا أكبر من العملاء، كذلك الآن تتنوع وتتغير الاتجاهات لكسب المزيد من العملاء والحفاظ على صورة الشركة في الأذهان، وليس فقط الاكتفاء بوسائل التسويق التقليدية، وعلى الشركات أن تواكب تلك التطورات التي تحدث وتتأقلم معها سريعًا حتى لا ينتهي بها المطاف خارج المنافسة وتخسر عملاءها وتغلق أبوابها في وجه الموظفين.

شاهد أيضًا: أسرار بناء العلامة التجارية الشخصية وصناعة المحتوى