“الروح والجسد والعقل” ما علاقة هذا المثلث بتأثير الاهتمام بالموظف وتوفير برنامج يساعده على التوازن بين حياته والعمل؟ قبل أن نجيب عن هذا السؤال، في مكان العمل الحديث أصبحت الشركات تدرك أهمية رفاهية الموظفين وتأثيرها على نجاح المنظمة، ونتيجةً لذلك يوجد اتجاه متزايد نحو إعطاء الأولوية لرعاية الموظفين وتوفير برامج تساعدهم على تحقيق توازن صحي بين العمل والحياة الشخصية، وهذا النهج يحمل العديد من الفوائد بما في ذلك زيادة الإنتاجية ورفع مستوى الرضا الوظيفي وتقليل معدلات الاستقالة.
في هذا المقال من بزنس بالعربي سنستكشف تأثير رعاية الموظفين، وتوفير برامج تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية على أداء المنظمات والشركات، والطرق المختلفة التي يمكن للشركات استخدامها لدعم رفاهية موظفيها، وسنناقش التحديات، وأفضل الممارسات المرتبطة بتنفيذ هذه المبادرات، وفي النهاية يهدف هذا المقال إلى إظهار قيمة الاستثمار في رعاية الموظفين، وتسليط الضوء على الفوائد التي يمكن تحقيقها من خلال ذلك.
التوازن بين العمل والحياة الشخصية يساعد الموظفين في أي شركة على الحفاظ على قواهم الجسدية والعقلية والنفسية، نظرًا لحجم التطورات التي تتعرض لها كل الوظائف في هذا القرن أو الجيل الحالي بتحديد، فأصبح الموظفون في حاجة مستمرة إلى تطوير مهاراتهم وإمكانياتهم للحفاظ على مواقعهم داخل الشركات، مما يتسبب للبعض منهم بالعديد من الاضطرابات مثل: الخوف والقلق وإهمال الجانب الشخصي، كل ذلك من أجل الاهتمام بكل شيء يخص العمل فقط.
مع وجود الكثير من مصادر تنمية الذات الشائعة التي تدعو إلى التركيز فقط على الأهداف المستقبلية والثراء الفاحش، فإن هذا الأمر بالفعل يدفع البعض إلى إحداث خلل في مثلث التوازن (الروح – الجسد – العقل). ولا شك في أن الموظف داخل الشركة يحتاج إلى الاستقرار النفسي لأداء عمله بشكل جيد حتى وإن كان يعاني من بعض الآلام الجسدية أو ضعف في المهارات، والموظف يحتاج أيضًا إلى الصحة الجيدة ليستطيع الحضور والعمل، ويحتاج إلى تطوير العقل لزيادة الأداء.
بعض الموظفين لا يمتلكون المهارات الكافية لإحداث هذا التوازن، لذلك تقدم بعض الشركات الكبيرة واحدة من أفضل المميزات وهي توفير برنامج لمساعدة الموظفين على صنع التوازن بين حياتهم المهنية والشخصية، مع قياس هذا التأثير على وضعهم المهني قبل وبعد البرنامج.
🔶 اقرأ أيضًا: تأثير النشاط البدني للموظفين على أدائهم المهني و8 نصائح لتطبيق برنامج رياضي
ما هو تأثير الاهتمام بالموظف والتوازن بين العمل والحياة؟
فكرة التوازن بين العمل والحياة هي تحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية، بحيث يمكن أن يتعايش كل من المجالين بسهولة، ويتعلق الأمر بإيجاد توازن بين احتياجات العمل والحياة الشخصية، هذا التوازن فريد لكل شخص وقد يتغير بمرور الوقت اعتمادًا على الظروف الشخصية والاقتصادية وأحداث الحياة، والهدف من التوازن بين العمل والحياة هو القضاء على التوتر وتعزيز الرفاهية وزيادة الرضا عن الحياة الشخصية والاجتماعية، حيث قال 57٪ من الموظفين إن عدم التوازن بين العمل والحياة هو عامل حاسم عند اختيار الوظيفة.
إن تحقيق التوازن بين العمل والحياة ليس بالأمر السهل دائمًا، خاصة الآن عندما أصبح من الأسهل البقاء على اتصال بالعمل دائمًا بمساعدة الأجهزة المحمولة، وفيما يلي بعض الإحصائيات حول التوازن بين العمل والحياة:
- يعتقد 60٪ من الموظفين أن لديهم توازنًا بين العمل والحياة.
- واجه 77٪ من الموظفين مشكلة الإرهاق مرة واحدة على الأقل في وظائفهم الحالية.
- يعتقد 72٪ من الموظفين أن التوازن بين العمل والحياة عامل مهم للغاية عند اختيار الوظيفة.
- يعمل 43٪ من الموظفين عن بُعد أكثر من 40 ساعة في الأسبوع مقارنة بالموظفين العاملين محليًّا.
- الكمال الشخصي هو أكبر عقبة أمام تحقيق التوازن بين العمل والحياة، ومع ذلك، يعتقد 67.2٪ من الموظفين أن بعض جوانب عملهم أو زملائهم أو ثقافة الشركة تسهم في التوازن بين العمل والحياة.
كيف يحقق التوازن؟
لخلق توازن في حياتك ضع في اعتبارك جميع عناصر حياتك التي يمكننا تقسيمها إلى فئتين أساسيتين:
- عناصر شخصية: وهي العناصر الداخلية التي تشمل القلب والعقل، والجوانب الروحية تقع ضمن نطاقها.
- عناصر خارجية: تشمل العناصر الخارجية جميع العوامل البشرية والفضائية التي تحيط بك، مثل: العمل، والأنشطة الاجتماعية، والأسرة، والترفيه، وما إلى ذلك.
والآن ما رأيك أن نجري اختبارًا بسيطًا؟
لتحقيق التوازن بين كل هذه العوامل يجب عليك أولًا تحديد مقدار الوقت والجهد الذي ستنفقه على كل منها وما ستحصل عليه في المقابل، الآن خذ قلمًا وورقة واسأل نفسك الأسئلة التالية ثم أجب عنها للحصول على فكرة عن نمط حياتك الحالي.
- السؤال الأول: تخصيص الوقت لنفسي
كيف يمكنني أن أعطي نفسي هذا الحق وأعطيني وقتًا لأكون وحدي بينما أكرس الوقت للآخرين، أعطيني وقتًا للأنشطة التي أريد القيام بها، وللأشياء التي أريد أن أكون جزءًا منها؟
- السؤال الثاني: العقل
كيف يمكنني تحدي نفسي فكريًّا مع خلق فرص لعقلي للراحة؟
- السؤال الثالث: العلاقات
هل أستثمر في علاقاتي مع الآخرين بقدر ما يستثمرون في علاقاتهم معي، هل أعطي للآخرين بقدر ما أتلقى منهم؟
- السؤال الرابع: الصحة
هل أقلق بما فيه الكفاية بشأن صحتي، هل أطعم نفسي جيدًا، هل أمارس الرياضة بشكل صحيح؟ وفي نفس الوقت هل أمنح نفسي ما يكفي من الراحة والاسترخاء؟
- السؤال الخامس: النجاح العملي
بينما أريد الاستمتاع بكل لحظة في رحلتي لتحقيق أهدافي، فإنني أحفز نفسي على تحقيق النجاح الذي أرغب فيه في عملي.
- السؤال السادس: الحياة الاجتماعية
كيف أسمح لنفسي بالاستمتاع بحياتي الاجتماعية مع الأصدقاء والمعارف اليوم، بالتوازي مع قضاء وقت جيد لنفسي وعزلتي؟
- السؤال السابع: صديقي / زوجتي مدى الحياة
كيف يمكنني إنشاء وقت ممتع لنفسي مع التأكد من أنني أقضي وقتًا ممتعًا وكافيًا مع شريكي؟
- السؤال الثامن: الأسرة
كيف يمكنني الوفاء بواجباتي ومسؤولياتي تجاه عائلتي الكبيرة مع الحفاظ على حدود صحية مناسبة؟
- السؤال التاسع: الترفيه
كيف يمكنني تخصيص وقت للأنشطة التي أستمتع بها حقًّا مع الحرص على عدم المبالغة في ذلك؟
التكامل والتوازن، ما الفرق بينهما في الحياة الشخصية والعمل؟
على الرغم من استخدام التكامل والتوازن بين العمل والحياة في بعض الأحيان بالتبادل، فإن هناك اختلافات بين المصطلحين:
التكامل:
يتضمن التكامل بين العمل والحياة الخاصة تفكيك المسؤوليات الشخصية والمهنية لموظفيك، وإيجاد مجالات لتنسيقها، على سبيل المثال يمكن للموظف إكمال الأعمال المنزلية في أثناء المشاركة في اجتماع جماعي مع أعضاء العمل أو اصطحاب الأطفال إلى النادي، عندما ينجح موظفوك في تنفيذ التكامل بين عملهم وحياتهم الشخصية، فإنهم يتمتعون بمستوى أعلى من المرونة؛ مما يزيد من رضاهم من خلال السماح لهم بتعديل جداولهم بشكل لائق.
التوازن:
التوازن بين العمل والحياة يعني أن الموظفين يعطون نفس الأولوية لمتطلبات عملهم وحياتهم الخاصة، وهناك بعض البرامج المنفذة لمثل هذا الأمر، ولكن في أغلب الأحيان يعود القرار إلى الشركة أو الموظف بالاستمرار أو الرحيل، قد يكون من الصعب إدارة هذا التوازن خاصة في ظروف العمل عن بُعد أو المختلطة حيث تقل احتمالية الفصل عندما يحتاج الموظفون إلى تخصيص وقت إضافي للعروض التقديمية أو المشاريع أو الأحداث، فقد تنشأ مشاكل أخرى عندما يحتاج هذا التوازن إلى إعادة ضبط مواعيد عملهم وراحتهم بشكل دوري.
على أي حال يحاول كل من النظامين إقامة توازن بين العمل والحياة الخاصة، ويحتاج الموظفون إلى تقييم أولويات حياتهم واحتياجاتهم وتحديد النهج الذي يجب اعتماده من أجل تقليل التوتر وزيادة الرفاهية.
ما الذي يمكن أن يقدمه أصحاب الشركات لتعزيز الاهتمام بالموظفين؟
في واقع الأمر الموضوع لا يحتاج إلى الكثير من الحديث لأن الحل بسيط للغاية، وهو أن أهم شيء يمكن لأرباب العمل فعله هو تعزيز ثقافة الشركة التي تتبنى الموظفين الذين لديهم مسؤوليات أسرية واجتماعية، وتوفير سبل للتواصل، مثل استطلاعات الرأي للموظفين بأسئلة محددة حول مسؤوليات الرعاية، والمقابل المادي الذي يرغب الموظف فيه بحيث يشعر بأن هناك توزانًا صحيًّا بين حياته الشخصية والعمل.
تشمل بعض البرامج الأخرى الجدولة المرنة، واستراتيجيات العمل الإبداعية، وبرامج المساعدة للموظفين، والفوائد الطبية والصحية الجيدة التي تساعد على تقليل بعض الأعباء الجسدية والعاطفية.
الخلاصة من بزنس بالعربي:
هناك العديد من الطرق الأخرى التي يمكن دعم الموظفين بها، وتشمل:
- توفير الوصول إلى الموارد: يمكن لأرباب العمل توفير الوصول إلى الموارد، مثل: برامج المساعدة للموظفين، وخدمات الاستشارة، والمجموعات الداعمة، كما يمكنهم توفير الوصول إلى الموارد والمعلومات عبر الإنترنت حول خدمات الدعم.
- ترتيبات العمل المرنة: يمكن للشركات تعديل/تقديم جداول العمل المرنة، مثل: العمل عن بُعد، والجدولة المرنة، والعمل بدوام جزئي، ويمكن أن يساعد هذا الموظفين على توازن مسؤوليات العمل مع واجبات الرعاية.
- الإجازة المدفوعة: يمكن لأرباب العمل تقديم إجازة مدفوعة للموظفين، مثل: الإجازة الطبية المدفوعة أو الإجازة المدفوعة للعائلة لتمكينهم من الحصول على إجازة من العمل لتقديم الرعاية لأحبائهم.
- تدريب الموظفين: يمكن للشركات توفير التدريب والتعليم للموظفين، لمساعدتهم على فهم أدوارهم، وكيفية إدارة مسؤوليات الرعاية بينما يحافظون على أدائهم في العمل.
- الدعم المالي: يمكن لأرباب العمل توفير الدعم المالي للمساعدة في تغطية تكاليف الرعاية، مثل: توفير الدعم المالي للرعاية في المنزل، أو تقديم المساعدة المالية للمساعدة في تغطية تكاليف الأدوية أو المعدات الطبية.
فعن طريق توفير هذه الأنواع من الدعم يمكن للشركات المساعدة في تخفيف بعض الضغط والأعباء التي يواجهها الموظفون، والتي يمكن أن تؤدي في النهاية إلى زيادة رضا الموظفين عن العمل وزيادة الإنتاجية والاحتفاظ بالموظفين في العمل.
🔶 شاهد أيضًا: من فشل في ٩ مشاريع إلى أحد أنجح رواد أعمال مجال الـ Fintech- عبدالعزيز الجوف مؤسس شركة Paytabs