هل تذكر آخر مرة رأيت فيها إعلاناً وظيفياً على لينكد إن؟ هل تذكر كم عدد أولئك الذين كتبوا الكلمة السحرية “مهتم”؟ لعلك كتبت ذلك أنت أيضاً، فقط لترى مئات إن لم يكن آلاف الأشخاص الآخرين يفعلون نفس الشيء في غضون أيام. بينما تتلقى المزيد والمزيد من الإشعارات بخصوص مقالتك، ستدرك أن تعليقك قد دُفن تحت جبال من الآخرين “المهتمين”.
كمهني محترف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لم تعُد المنافسة محصورة في زملاء مدينتك أو دولتك أو حتى إقليمك، بل إنك تنافس محترفي العالم كله. وفقط أولئك الذين سيبرزون سيبقون في المنافسة ولن يتحولوا إلى مجرد رقم آخر عديم الاسم، وذلك من خلال تطوير هوية شخصية مميزة.
حتى إن لم تعتقد أن لديك هوية شخصية (personal brand) مميزة، فإن لديك في الحقيقة واحدة بدون أن تشعر. في الحقيقة، إن هويتك أو سمعتك تُبنى على الانطباعات التي تتركها لدى الآخرين. في التسويق يقولون: “الإدراك هو الحقيقة”، فالكيفية التي يراك الناس بها تصبح حقيقتك في نظرهم. تلك الإدراكات أو الانطباعات قد لا تكون هي التي ترغب في تركها عند الآخرين. أن تفكر بشكل استراتيجي ومحدد الهدف عند تطويرك وإدارتك لهويتك الشخصية التي تُعَرف أفضل خصائصك وتميزك من الآخرين بشكل إيجابي وواضح من الأهمية بمكان لتحقيق أهدافك وتطلعاتك المهنية.
إن صناعة هوية قوية يؤسسك كقائد للفكر، ويجعل الآخرين يتطلعون إليك ويحترمون آراءك في صناعتك. كما أن الصورة المتحصلة تعرضك أمام فرص فريدة لم تكن لتجدك بخلاف ذلك. إليك بعض النصائح التي أركز عليها عند مناقشة فوائد تطوير الهوية الشخصية عندما أقوم بتقديم خدمات الكوتشينج والاستشارات للمحترفين ورجال الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
قم بتقوية وعيك بذاتك
إن هويتك الشخصية هي مجموع الخبرات والتجارب التي يحصل عليها أي شخص أو مؤسسة يتعامل معك. في دراسة سنة 2010 قامت بها مدرسة كورنيل للعلاقات الصناعية والمهنية، قامت باختبار 72 مديراً تنفيذياً في شركات خاصة وحكومية، وخلصت إلى أن الوعي الذاتي المرتفع هو أهم مؤشر للنجاح الكلي للعمل. وهذا دائماً ما يكون أصعب جزء يواجه أي مهني عندما يقوم ببناء هويته الشخصية، لأنه يتطلب الكثير من التفكير والتأمل. إنه يتضمن ذِكرك لنقاط قوتك وضعفك، ولماذا ينجذب الناس إليك، وما هي مواطن شغفك، وما هي القيم التي تقود حياتك. بعد تعريفك لهذه النقاط، عليك أن تفكر في كيفية عرضها من خلال عملك وتفاعلاتك مع الآخرين.
اعرف كيف يراك الآخرون
من المهم عند تطوير هويتك الشخصية أن تسأل معارفك والذين تعاملوا معك بشكل شخصي أو مهني كيف يصفوك. فإذا عرفت ذلك، قم بمقارنة وصفهم لك بما تراه من نفسك وانظر إن كان هناك فرق. هذه المعلومات التي تجمعها تساعدك على تحديد مدى توافق المنظور الخارجي لك مع الصورة المثالية التي ترغب في تقديمها لتكون هويتك الشخصية. هذه التغذية الراجعة تساعدك دائماً على صياغة الرسائل والأفعال التي توافق رؤيتك وهدفك لهويتك الشخصية.
الهوية الشخصية ليست تسويقاً لنفسك
موضوع الهوية الشخصية هو تقديم قيمة للآخرين في صناعتك، هنالك سيتبعك الناس. مساعدتهم في النمو ومشاركتهم بالمواضيع والمعلومات التي تهمهم أمر ضروري. هذا مختلف تماماً عن دعايتك المستمرة لمدى روعتك وإنجازاتك. نعم، جزء من الهوية يشمل التسويق لنفسك، ولكن الطريقة التي تتم بها وكيفية إدارتها يحتاج لمصداقية وتوافق مع الآخرين، وليس مجرد إصرارك على ترويجك لنفسك. إن هويتك الشخصية أصل مهم يجب إدارته بشكل استراتيجي بهدف مساعدة الآخرين والتفاعل معهم في صناعتك.
الخلاصة
إن صناعة هوية شخصية بشكل محدد ومقصود يبدو محيراً في البداية ويحتاج للكثير من التفكير، لكن بمجرد بداية رؤيتك نفسك كهوية شخصية ستصبح أكثر وعياً وإدراكاً في تعاملك مع الآخرين. الهوية الشخصية من متطلبات القيادة في سوق العمل الحالي، وهي ما سيساعدك على التميز وإظهار مواهبك. تذكر أن الهوية الشخصية ليست مجرد تسويق لنفسك، بل هي تقديم قيمة حقيقية للآخرين في مجالك، مما يجعلهم يتبعونك ويحترمونك.
ابدأ بتقوية وعيك بذاتك، واعرف كيف يراك الآخرون، وكن صادقاً في تقديم نفسك. بهذه الطريقة، ستتمكن من بناء هوية شخصية قوية تساعدك على تحقيق أهدافك المهنية وتفتح أمامك فرصاً جديدة لم تكن تتوقعها.
تكلمنا هنا عن الأهمية، في مقالات أخرى سأتكلم عن الكيفية. للمزيد من المعلومات المفيدة راجع مقالتي ماذا علمتني رحلتي إلى المغرب عن البراندينج