لماذا يجب على مجتمع البشر تعلم الإتيكيت؟ لأن الإنسان بطبعه يميل إلى العواطف والمشاعر في تعاملاته والتواصل الفعال مع كل الأشياء الحية حوله، هذه الطبيعة تتشابه كثيرًا مع مجتمع عالم الحيوان فلكل مخلوق منهم قدرات مختلفة على التواصل والاندماج لذلك دعني أطرح عليك سؤالًا: ما الذي يميز مجتمع البشر عن مجتمع الحيوانات؟
على مر التاريخ كان هناك فلاسفة كبار مثل سقراط وأفلاطون وأرسطو يبحثون عن طبيعة الإنسان بيولوجيًّا وسيكولوجيًّا، وكانت خلاصة عمليات البحث تلك هي أن الإنسان كائن لا مثيل له بين الكائنات الحية الأخرى، بسبب امتلاك الإنسان لشيء مهم وهو العقل الذي يتعلم منذ الصغر القواعد السلوكية لمجتمع البشر.
القواعد السلوكية والأخلاقية والأدبية هي إجابة السؤال السابق، فهذه الأسس هي الطريقة التي يدير بها مجتمع البشر أنفسهم.
في هذا المقال من بزنس بالعربي دعونا نتعمق قليلًا في الحديث عن “إتيكيت العمل”، فعندما يتعلق الأمر بمكان العمل أو بيئة العمل عمومًا فإن الآداب مهمة، ولكن لماذا يجب على كل موظفٍ أن يتقن إتيكيت العمل من أجل الوصول إلى الاحترافية المهنية؟
ما هو الإتيكيت – Etiquette؟
etiquette كلمةٌ فرنسية تعني بالعربية (فن التعامل الراقي) وأكاديميًّا هو نظام القواعد والأعراف والعادات التي تنظم السلوك الاجتماعي والمهني والطريقة التي يجب أن يتصرف بها الفرد المسؤول في المجتمع عمومًا أو في البيئة المحيطة به خاصةً.
العديد من التعريفات والمعاني عن الإتيكيت منتشرة في العديد من المحاضرات والكتب، ولكن دائمًا يُقال أن خير الكلام ما قل ودل، لذلك يعتبر فن الإتيكيت بكل بساطة هو فن الخصال والأخلاق الحميدة أو السلوك بالغ التهذيب مع الذات أو الجماعة.
نشأة الإتيكيت:
آداب السلوك قديمة التاريخ جدًّا ومتنوعة الحضارات والثقافات من كل النواحي وجوانب التراث البشري الحضاري، نشأة الإتيكيت كانت في القصور الملكية على مر التاريخ؛ كون العائلة الحاكمة هي الأسمى في المجتمع، لذلك كان عليهم وضع نظامٍ خاص للآداب السلوكية والتصرفات والعادات التي تختلف بين كل ثقافة وأخرى.
سبق الإسلام كل الحضارات الغربية بشكلٍ كبير، وهنا يجب التنويه على أن الإتيكيت الذي أتى به الإسلام أكثر شمولًا ومعنى وموضوعية من القواعد الأخرى لأي حضارة؛ لأنه ركز بشكل مباشر وأساسي على الأخلاق والعادات الجوهرية للفرد ثم عادات الملبس والمأكل والمشرب التي كان يركز عليها الغرب بشكلٍ أساسي من دون الاهتمام بالجانب الأخلاقي النفسي، آداب المجتمع ظهرت منذ ظهور الإسلام في القرن السابع الميلادي في حين أن الأوروبيين لم يبدأوا في العمل بأصول الإتيكيت إلا في أواخر القرن السابع عشر في بلاط لويس السادس عشر ملك فرنسا، والحديث عن الإتيكيت في الإسلام لن ينتهي أبدًا.
أهمية الإتيكيت في العمل:
معرفة الآداب السلوكية تساعدنا على فهم طبيعة التصرف مع ذاتنا وغيرنا وتقويم مجموعة عاداتنا الخاصة بنا فرديًّا واجتماعيًّا، وعلى الرغم من كل هذا فإن الهدف الأساسي من الإتيكيت على مستوى العلاقات خارج أو داخل بيئة العمل ليس أن يكون الشخص مثاليًّا بل أن يكون شخصًا جيدًا في التعامل مع كل شيء حوله مهما اختلفت الشخصيات والمواقف والأماكن، من هنا نستعرض بعض أهمية تعلم الإتيكيت:
- تعزيز مشاعر اللطف والاحترام والتواضع بين الجميع.
- يمنح الثقة في التعامل مع المواقف المختلفة في الحياة والمهارات الحياتية.
- يساعد على تحسين الذات والقضاء على السلوك غير اللائق.
- التفكير في التصرفات قبل الإقبال على عمل أي فعل.
- فهم وإدراك مشاعر الآخرين وتقدير حقوقهم.
- القدرة على تعزيز التعايش مع الآخرين مهما اختلفت العادات والثقافات.
- يساعد على ترك انطباع أول جيد.
- يسمح لنا ببناء صداقات وعلاقات شخصية أقوى.
- يجعل الشخص مثقفًا ويترك بصماته أينما ذهب.
تعلم الأدب والسلوكيات أمرٌ مهم جدًّا، والغرض منه ليس التباهي، بل لأن إبراز الاحترام هو وسيلة تواصل إنسانية مهمة لا تقتصر على فئة معينة من الطبقات الاجتماعية.
الإتيكيت في العمل:
آداب العمل أمرٌ مهم جدًّا حاليًا، لذلك يقوم قسم الموارد البشرية في بعض الأحيان بعمل مقابلة ثانية للموظف بعد المقابلة الفنية من أجل تقييمه ظاهريًّا، ولكل شركة بروتوكول خاص بها من أجل اتباع قواعد العمل السليمة المهنية التي تساعد على تعزيز العلاقات بين الموظفين وحفظ الحدود بينهم.
اقرأ أيضًا: مهارات التقديم والعرض | كيف تقدم عرضًا احترافيًّا في 12 خطوة – Presentation Skills؟
أنواع الإتيكيت في العمل:
- أولًا: الإتيكيت الشخصي:
5-7 ثوان كافية لترك الانطباع الأول عند مقابلة شخصٍ ما لأول مرة، لذلك دائمًا تتردد نصائح الاهتمام بترك انطباع جيد لأول مرة كثيرًا من رواد الأعمال ومسؤولي التدريب والموارد البشرية، لأن الأشخاص يبنون آراءهم عن الأشخاص الأغراب ظاهريًّا فقط، لذلك يجب الاهتمام بالآتي لترك انطباع أولي جيد:
- الاهتمام جيدًا بالنظافة الشخصية.
- الاهتمام بأناقة الملابس للسيدات والرجال.
- بشاشة الوجه مع الجميع.
- الاهتمام بقصة الشعر، فتكون جيدة وليست شاذة.
- انتقاء الكلمات والألفاظ في الحديث مع كل الفئات والمناصب.
- احترام المواعيد.
- عدم الحديث بنبرة صوت عالية أو هجومية.
- عدم مقاطعة الحديث، بل انتظر حتى يُنهي الطرف الآخر حديثه.
- الاهتمام والنظر إلى عين من تتحدث معه.
- كن ثابتًا في وقوفك ولا تتحرك كثيرًا.
- الجلوس بشكل معتدل بزاوية 90 درجة ولا تجلس متكئًا.
- تحدث بشكل رسمي معتدل في مقابلة العمل الأولى.
- لا تقم بمد يدك للمصافحة إلا إذا مد الطرف الآخر لك يده، وخصوصًا مع السيدات.
- التزم بالمعايير الصحية للمكان.
- احرص على أن يكون مشيك معتدلًا مستقيمًا لا يحمل أي علامة من علامات التكبر أو الغرور.
- اضبط أعصابك إذا استفزك أحدٌ ما، ففي بعض الأحيان يكون ذلك اختبارًا لعقليتك.
- لا تكذب في أي شيء.
- ثانيًا: الإتيكيت مع زملاء العمل:
من الضروري أن يتصرف الفرد بطريقة مقبولة اجتماعيًّا وأن يتحلى بالأخلاق والسلوك الجيد مع الزملاء، فهذا أمرٌ مهم جدًّا، فقد خسر بعض الموظفين فرصةً في الترقيات الكبيرة بسبب ضعف الجانب السلوكي والأخلاقي لديهم على الرغم من خبراتهم الفنية العالية، لذلك يجب الاهتمام بالآتي:
- تجنب النميمة عن جميع الأشخاص.
- تجنب نقل الكلام أو الأسرار من وإلى زملائك والإدارة.
- ابتعد عن السباب والشتائم مع زملائك، حتى إن كنت معتادًا على ذلك معهم خارج مكان العمل.
- ساعد زملاءك بأي طريقة ممكنة.
- لا تقدم لزملائك استشارات أو اقتراحات خاطئة.
- إذا صرخ في وجهك أحد زملائك لا تنفعل بل تصرف بهدوء مع غضبه أو قم بتبليغ قسم الموارد البشرية.
- تجنب العلاقات العاطفية داخل العمل .
- لا تبالغ في ردود أفعالك تجاه الأخبار الجيدة أو السيئة من زملائك.
- تجنب الوقاحة مع زملائك في المزاح والاختلاف.
- تجنب الاحتكاك الجسدي والتلامس.
- كن مرنًا في المناقشات والحديث، وتجنب انتقاد الآخرين لمجرد الاختلاف في وجهات النظر.
- عليك تقدير مشاعر وعواطف الآخرين وقت الضغط.
- ثالثًا: الإتيكيت في الاجتماعات:
من المهم أن يحترم الموظف قوانين وقواعد المنظومة التي يعمل بها ويفهمها جيدًا؛ لأنه من حق المنظمة أن تعاقبه إذا أخل بأحد قوانين منظومة العمل، لذلك تعد الاجتماعات جزءًا مهمًّا في أي عمل ويكون فيها تبادل للحديث والنقاشات واختلاف وجهات النظر من أجل الوصول إلى النتيجة المطلوبة التي أُقيم من أجلها هذا الاجتماع، لذلك يجب الاهتمام بالآتي:
- الالتزام بموعد الاجتماع وعدم التأخر إلا بوجود عذرٍ منطقي.
- لا تذهب بدون فهمك لأسباب وأهداف هذا الاجتماع حتى إن لم يوجَّه لك أي سؤال.
- لا تحضر الاجتماعات أبدًا فارغ اليدين، أحضر معك مفكرةً وقلم.
- ضع هاتفك أو أجهزتك الذكية على الوضع الصامت أو الهزاز حتى نهاية الاجتماع.
- لا ترد على مكالمات الهاتف إلا للضرورة القصوى وبعد الاستئذان من مدير الاجتماع.
- ابتعد نهائيًّا عن أكل العلكة حتى وإن كان ذلك مسموحًا أو تحتاجها لأمرٍ صحي.
- من الأفضل أن تتجنب أيضًا الذهاب بكوب شاي أو قهوة، اكتفِ بزجاجة المياه فقط.
- لا تقم بعمل أي أصواتٍ مزعجة مثل: اللعب بالقلم أو المفكرة أو جهازك المحمول أو حتى فرقعة أصابعك.
- لا تقاطع نهائيًّا أي متحدثٍ في الاجتماع.
- إذا أردت الحديث قم برفع يدك أو الاستئذان بشكلٍ جيد.
- اتبع قواعد اللباس الخاصة وحسن المظهر بمكان العمل.
- تحدث بأدبٍ واحترام مهما كان الوضع.
- إذا كنت مدير الاجتماع كن بشوش الوجه وتحدث بصوت عالٍ وواضح.
- وجه الشكر في بداية ونهاية الاجتماع لجميع الحضور.
- لا تقلل من شأن أحد زملائك أو موظفيك في أثناء الاجتماع.
- رابعًا: الإتيكيت في استخدام مرافق العمل:
مرافق العمل ملكٌ للجميع وليست حكرًا على أحد، ومع وجود عُمال لتنظيف هذه المرافق بسبب الاستهلاك والاتساخ فإنه يجب اتباع العادات السلوكية والأخلاقية في استخدام هذه المرافق لكي يستطيع الآخرون استخدامها؛ لذلك يجب الاهتمام بالآتي:
- لا تقم برمي المخلفات على الأرض بقصدٍ أو بدون.
- تجنب التعامل العنيف مع أدوات العمل.
- قم بإبلاغ الإدارة بأن هناك عطلًا ما في أحد مرافق الشركة.
- بعد الانتهاء من قضاء حاجتك نظِّف مكانك.
- في لحظات الغضب لا تقم بكسر أي شيء في العمل.
- أي شيء تقوم بإتلافه قصدًا تحمَّل أنت ثمن إصلاحه.
- لا تقم بكتابة أي شيء على جدران مكان العمل.
التحلي بالأخلاق الجيدة والآداب السلوكية الجيدة أمرٌ مهم جدًّا داخل وخارج بيئة العمل، وفي بعض الأحيان يكون سببًا في مكاسب كثيرة تعود على صاحبها، لذلك من المهم جدًّا أن نتعلم جميعنا فن الإتيكيت.
في النهاية يعد الاهتمام بالإتيكيت أمرًا جيدًا على المستويين المهني والشخصي، لكن تحليك بالأخلاق الحميدة يغنيك عن تعلم العديد من دورات الإتيكيت، فالأخلاق أسمى أنواع الأدب واحترام الذات والغير وأيضًا كل شيء يحيط بك، لذلك تعلم جيدًا كيف تتحلى بالأخلاق والإتيكيت السليم.
شاهد أيضًا: الضغوط النفسية في بداية البزنس وكيف تتغلب عليها مع محمد ناجي