كيف تنمي مهاراتك؟ قد يبحث البعض عن فكرة ليبدأ بها شركته والبعض الآخر يشغله جمع رأس مال كبير ليقدر من خلاله على فتح شركته، ولكن القليل من يهتم بتنمية مهارته وبناء طريقة تفكير تساعده في إدارة المشروعات، وفي هذا المقال سنتحدث عن مهارات يجب أن يمتلكها رائد الأعمال، ونجيب عن سؤالٍ مهم وهو كيفية تطوير المهارات لبدء مشروع ناجح.
فإدارة الشركات وإن كانت صغيرة مثل الشركات الناشئة (start up) لها مقومات نجاح تبدأ من العقلية التي تُدار بها، وعلى رائد الأعمال أن يهتم بتلك المهارات ويبدأ بناءها في نفسه قبل أن يشرع في فتح الشركة -إن أمكنه ذلك- حتى يستطيع إدارة شركته نحو النجاح.
وتنقسم تلك المهارات إلى مهارات خاصة بشخصية رائد الأعمال نفسه وطريقة تفكيره (mind set)، ومهارات متعلقة بكيفية الإدارة داخل الشركة، ولنبدأ بالمهارات المتعلقة بشخصية رائد الأعمال أولًا، وهي كالتالي:
- التعلم والممارسة:
ليس المقصود هنا هو التعليم الأكاديمي مع أهميته، ولكن نقصد سرعة التعلم من التجارب والأعمال التي تقوم بها، لتتمكن فيما بعد من القيام بتلك الأعمال باحترافية وإن كانت خارج تخصصك الأكاديمي، وهذا يأتي من خلال الممارسة، فبالممارسة تستطيع كسب أي مهارة مع الوقت اللازم لها.
- بناء الخبرة من خلال التجارب:
الحياة عبارة عن مجموعة من التجارب، وكلما خضت تجارب أكثر وذات قيمة زاد ذلك من مجموع خبراتك في الحياة وصقل شخصيتك، وبالطبع ستتغير طريقة تفكيرك وستكتسب المزيد من المهارات، كما أن رؤيتك وقراءتك للأمور من حولك ستتغير وتزداد وضوحًا، فطريقة تفكير شاب في مقتبل العشرينيات من عمره تختلف عن طريقة تفكير رجل بعمر الأربعين تعرض لتجارب أكثر.
- المثابرة والاستمرارية:
تأتي الأرباح فور بدء العمل، هذا من التصورات الخاطئة، ولكن على العكس تمامًا، فالأرباح تأتي بعد وقت ومجهود لا بأس بهما، قد يستمر الأمر لسنوات في بعض الأحيان حتى تحصل على عائد، فبناء شركة بشكل ناجح ليس بالأمر السهل، بل تنجح الشركات بالمثابرة والاستمرارية وعدم فقدان الأمل، فهذه من أسرار النجاح.
اقرأ أيضًا: التفكير الإبداعي | 3 أسباب تجعل الإبداع مهمًّا للشركات
- الانضباط والتنظيم:
لا شك أن إدارة الشركات تحتاج إلى الكثير من المهام، وتنظيم الوقت في أثناء العمل على المهام المختلفة يساعدك بشكل كبير على إنهاء أعمالك بصورة سليمة؛ لأنه يجنبك العشوائية في خلال تأدية عملك، كذلك فإن الانضباط وبذل المجهود المطلوب لكل عمل وتحمل المسئولية من العوامل المساعدة والمهمة في جعل رائد الأعمال يسير على الطريق الصحيح في إدارة حياته وكذلك في إدارته للشركة.
- التقبل والتأقلم:
الوقوف أمام كل شيء يواجهك سيعطل مواصلة سيرك في طريق النجاح، ولكن التقبل والتأقلم هما رفيقانك لتجاوز المصاعب، تقبَّل الخسارة واعمل على حل المشكلة التي أدت لوقوع الخسارة، وتقبَّل الخسارة التي ستكسبك أشياء أخرى وإن كانت معنوية أكثر من كونها مادية، فخبرة خوض التجربة في حد ذاتها مكسب، أيضًا تقبَّل مشاعرك كالقلق والحزن فهذا شيء طبيعي حين تواجه مشكلات كبيرة أو تخسر الكثير من المال، ولكن التقبل والتأقلم مع الأوضاع سيساعدانك على التفكير السليم الذي سيخرجك من الأزمة.
- جازف ولا تفرط في التفكير:
ما يميز رواد الأعمال هو المغامرة، فبدء المشروعات وضخ الأموال في شركة قد لا يؤتي ثماره في وقت قريب وهو نوع من أنواع المجازفة، خصوصًا إذا بدأت شركتك بمنتج أو خدمة تعتبر جديدة أو غير شائعة بين الناس، وكما سنبين لاحقًا أهمية دراسة السوق والتخطيط جيدًا قبل تبني الأفكار والعمل عليها، فإن الإفراط في التخطيط والتفكير أيضًا يخسرك الكثير من الوقت، وأحيانًا قد تخسر الفكرة نفسها فقد تسبقك في تنفيذ تلك الفكرة شركة أخرى؛ لذا ننصحك أن تكون في المنتصف، قم بالتخطيط ولكن لا تنفق الكثير من الوقت في تلك الخطوة.
اقرأ أيضًا: ما هي ريادة الأعمال؟ و10 اختلافات بين ريادة الأعمال وإدارة الأعمال
وهنا وصلنا للشق الآخر من المهارات، وهي المهارات المتعلقة بإدارة الشركة، وهي كالتالي:
- دراسة المشروع والسوق جيدًا:
أحيانًا توجد أفكار مميزة تجذب رائد الأعمال للبدء بها فورًا، ولكن تمهل بعض الشيء؛ فدراسة الفكرة والسوق تأتي أولًا لتعرف كيف تعمل على الفكرة حتى تصل بها إلى مشروع ناجح، أيضًا دراسة السوق ستعطيك مؤشرات عن مدى استقبال السوق وجمهورك المستهدف للفكرة التي تريد تبنيها والعمل عليها، فالانسياق وراء الأفكار البراقة من دون معرفة ودراسة جيدة هو أولى خطوات فشل المشاريع، كما عليك تحديد شريحة عملائك بعناية ودراستهم جيدًا حتى تتمكن من الوصول إليهم بسهولة وإقناعهم بمنتجاتك أو الخدمات التي تقدمها.
- بناء سمعة جيدة في السوق:
أن يُعرف اسمك في سوق الأعمال أمر مهم للغاية ويجلب لك الكثير من المنافع، فبناء سمعة جيدة لك أشبه بالتسويق لنفسك، وهذا سيسهل عليك الكثير من الأمور، ويحدث ذلك من خلال تكوين شبكة علاقات جيدة وقوية، فتلك الروابط الاجتماعية تساعد الجميع، والكل سيقدم يد المساعدة للآخر حين يحتاج الأمر؛ بسبب الثقة المتبادلة بينهم.
- القدرة على حل المشكلات:
أنت الآن صاحب العمل الذي سيرجع إليه الجميع وقت وقوع الأزمات أو حتى المشكلات العادية، ورائد الأعمال الناجح هو من يملك القدرة على إيجاد حلول لكل شيء يواجه أعمال الشركة، حتى يخرج بها من المشكلات من دون وقوع خسائر أو على الأقل السيطرة على حجم تلك الخسائر وتجاوز العقبات بنجاح، وتمتعك بتلك المهارة يعني أنك من المؤكد تستطيع العمل تحت ضغط، وهذه مهارة أخرى مهمة، فلا يوجد عمل بدون ضغوطات.
- القدرة على إدارة الأموال:
لكل مشروع أو شركة رأس مال تبدأ به، والمهارة هنا هي كيفية إدارة الأموال التي تحت يديك، سواء في البداية أو عند وجود عائد من العمل، فتوظيف كل شيء في مكانه الصحيح في الوقت المناسب سيوفر عليك صرف الأموال في غير موضعها، وللأسف هذه المهارة لا يجيدها الكثير من رواد الأعمال، ففي بعض الأوقات نرى ضياعًا كبيرًا للأموال، بسبب سوء تصرف مدير الشركة والاهتمام بأشياء تأتي في المرتبة الثانية على حساب أشياء أخرى أكثر أهمية.
ومن المنطقي أنه لا توجد شركة قائمة على شخص واحد، ولكن تعيين الموظفين أمر حتمي وطبيعي، وللتعامل مع فريق العمل عليك مراعاة بعض الأمور، ولكن لنتعرف أولًا على بعض الفروقات بين المدير والقائد:
- المدير لا يسمع إلا صوت نفسه، أما القائد يتقبل اقتراحات الموظفين.
- توجد درجة من الود والتقارب بين الموظفين والقائد أما المدير فلا يسمح بذلك التقارب.
- القائد يراعي الجوانب الإنسانية لدى الموظفين، أما المدير فأهم شيء لديه هو نتائج العمل.
- القائد يرى نفسه جزءًا من الفريق، لكن المدير يرى نفسه فوق الفريق.
هذان نموذجان يُبينان كيفية التعامل مع أفراد العمل، وأظن من الواضح أي النموذجين عليك أن تتبناه في إدارة الشركة، فإدارة فرق العمل تقع على عاتقك، وبيدك أن تجعل موظفي الشركة يعملون بها كأنها ملك لهم ولديهم ولاء لها، أو أن يعملوا وهم ينتظرون أقرب فرصة لترك الشركة والذهاب لأخرى، فالقرار بين يديك.
- اختيار الشركاء:
في بعض الأحيان يكون من الصعب استكمال نشاط الشركة وحدك، فقد تحتاج إلى شركاء، ولا ضرر في ذلك إذا كنت أحسنت اختيار شريكك في إدارة الأعمال من البداية، وقمت بتقسيم الأدوار بينكما بكل وضوح، حتى لا يتهم كل منكما الآخر بأنه السبب في الخسارة أو الأزمة عند وقوعها، فأنتم شركاء وفي قارب واحد.
- تحويل الأزمات إلى تحديات:
لا توجد خطط متكاملة بسبب التغيرات الدائمة في السوق، لذلك من الممكن التعرض لأزمات من الخارج وليس بسبب خطأ من داخل الشركة، وعليه فالطريقة الصحيحة لإدارة تلك الأزمات هي التعامل معها كتحديات جديدة تتعرض لها الشركة، وليس كخطأ داخلي يجب التعامل معه وإصلاحه، فمن الممكن استغلال تلك التغيرات في مصلحة الشركة، مثل أزمة الكورونا التي أثرت بالسلب على الكثير من الشركات، ولكن هناك شركات أخرى تعاملت مع الأمر بمرونة وذكاء وحولته إلى مكسب لها.
وختامًا تذكَّر أن تنمية مهاراتك والعمل على تطوير ذاتك عملية مستمرة، قد تسير ببطء أحيانًا ولكن لا تتوقف أبدًا، فلا تنتظر الأوضاع المثالية لتبدأ، ولكن اتبع طموحك، وتمتع ببعض المجازفة، وتوقع أي شيء، فمن الممكن أن يتغير مكانك في سوق العمل، وقد تغلق شركة وتفتح أخرى وتعمل في مجالات مختلفة، المهم هو ألا تفقد قدرتك على الاستمرار والبدء من جديد.
شاهد أيضًا: أهمية مهارات القيادة وبنائها – عمر عبد الغفار